قبل وقت طويل من توقيع إيلون ماسك والمؤسس المشارك لشركة آبل ستيف وزنياك على رسالة تحذر من أن الذكاء الاصطناعي يشكل "مخاطر عميقة" على البشرية، كان عالم الفيزياء النظرية، البريطاني ستيفن هوكينج يدق ناقوس الخطر بشأن التكنولوجيا سريعة التطور.

وأبهر منصّة "تشات جي بي تي"، التي أطلقتها شركة "أوبن إيه آي" بدعم من "مايكروسوفت" في نوفمبر الماضي، المستخدمين بقدرتها على الإجابة بوضوح ودقة على أسئلة صعبة، لا سيما كتابة أغان أو شيفرات برمجية، وحتى النجاح في امتحانات.

لكنّ اعتماد هذه التكنولوجيا وتقدّمها الفائق السرعة يثيران في الوقت نفسه مخاوف كثيرة، وخصوصًا أن رئيس "أوبن أيه آي" سام ألتمان تحدث عن التوصل في المرحلة المقبلة إلى ما يسمى الذكاء الاصطناعي "العام"، وهو عبارة عن برامج "أكثر ذكاءً من البشر" عمومًا.

ووقّع مئات الأكاديميين ورؤساء الشركات والشخصيات بينهم ماسك ورئيس شركة "ستابيليتي ايه آي" المنافسة لـ"اوبن ايه آي" عماد موستاك في نهاية مارس الماضي عريضة دعوا فيها إلى التوقف لمدة ستة أشهر عن إجراء الأبحاث للتوصل إلى تقنيات ذكاء اصطناعي أقوى من "تشات جي بي تي 4" الذي أطلقته شركة "اوبن ايه آي".

وأبدى هؤلاء تخوفهم مما تحمله هذه التكنولوجيا من "مخاطر كبيرة على البشرية"، وسألوا: "هل يُراد تطوير أرواح غير بشرية يمكن أن تتفوق علينا في نهاية المطاف من حيث العدد والذكاء وتحل محلنا؟".

تحذير هوكينج من تطوير الذكاء الاصطناعي

وهذه المخاوف عبر عنها هوكينج في مقابلة أجريت في عام 2014 مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، محذرًا من أن "تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل يمكن أن يعني نهاية الجنس البشري".

وكان تعليق هوكينج ردًا على سؤال حول إمكانية تجديد تقنية الصوت التي اعتمد عليها. وقال إن "الأشكال الأساسية للذكاء الاصطناعي أثبتت فعاليتها بالفعل، لكن إنشاء أنظمة تنافس الذكاء البشري أو تتفوق عليه قد يكون كارثيًا على الجنس البشري".

وأضاف: "ستنطلق من تلقاء نفسها وتعيد تصميم نفسها بمعدل متزايد باستمرار"، موضحًا: "البشر، المحدودون بسبب التطور البيولوجي البطيء، لا يمكنهم التنافس وسيتم استبدالهم".

وتوفي هوكينج، الذي عانى من التصلب الجانبي الضموري أكثر من 55 عامًا، في عام 2018 عن عمر يناهز 76 عامًا.

إجابات مختصرة على الأسئلة الكبيرة

وبعد أشهر من وفاته، ظهر كتاب هوكينج الأخير بعنوان: "إجابات مختصرة على الأسئلة الكبيرة" للقراء، والذي يقدم إجابات عن الأسئلة التي كان يطرحها كثيرًا، وكشف فيه كيف سيعيش البشر على الأرجح في الفضاء يومًا ما، ومخاوفه بشأن الهندسة الوراثية والاحتباس الحراري.

كما احتل الذكاء الاصطناعي صدارة قائمة "الأسئلة الكبيرة" بحجة أن أجهزة الكمبيوتر "من المحتمل أن تتفوق على البشر في الذكاء" في غضون 100 عام.

وكتب: "قد نواجه انفجارًا استخباراتيًا ينتج عنه في النهاية آلات يتجاوز ذكائها ذكاءنا بأكثر من ذكاءنا الذي يفوق ذكاء القواقع".

واحتج إلى أن أجهزة الكمبيوتر تحتاج إلى التدريب لتتماشى مع الأهداف البشرية، مضيفًا أن عدم تحمل المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي على محمل الجد قد يكون "أسوأ خطأ لنا على الإطلاق".

وتابع: "من المغري استبعاد فكرة الآلات عالية الذكاء باعتبارها مجرد خيال علمي ، لكن هذا سيكون خطأ - وربما يكون أسوأ خطأ على الإطلاق."

الاستعداد وتجنب المخاطر المحتملة

وحذر هوكينج في العام السابق لوفاته من أن العالم بحاجة إلى "تعلم كيفية الاستعداد وتجنب المخاطر المحتملة" المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بحجة أن الأنظمة "يمكن أن تكون أسوأ حدث في تاريخ حضارتنا".

ومع ذلك، رأى أن المستقبل لا يزال مجهولاً وأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيدًا للبشرية إذا تم تدريبه بشكل صحيح، وفقًا لصحيفة "نيويورك بوست".

وقال خلال كلمة في مؤتمر للتكنولوجيا بالبرتغال في عام 2017: "النجاح في إنشاء ذكاء اصطناعي فعال يمكن أن يكون أكبر حدث في تاريخ حضارتنا. أو الأسوأ. نحن فقط لا نعرف".