قديمًا قالوا: (الزواج قسمة ونصيب)، والحقيقة أن القدر وحده وراء الجمع بين رجل وامرأة في بيت واحد، بعقد محدد، وشروط محددة، ولكن أحيانًا البعض ينسى هذه الحقيقة.. حقيقة أن كل الخلائق لا يد لها في شيء مؤمنهم وكافرهم، محسنهم وعاصيهم.
فكل شيء مقسوم، ونصيبك سيصيبك لا محالة.. فهذه هي حقيقة الإنسان مع مولاه لا يد له مع يد الله فيد الله فوق أيديهم لأنه القاهر فوق عباده ليرتفع اللوم عن كل أحد فما لام سيدنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا على شيء قط بعد وقوعه فيه فكل ميسر لما خلق له وكل مقدر واقع، وهو ما يؤكده المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ( الروم: 21).
مقدرات الله
إذن علينا يقينًا التسليم بمقدرات الله عز وجل، إذ يروى أنه لمّا لام نبي الله موسى، سيدنا آدم عليهما السلام والصلاة وعلى نبينا وآله والأنبياء أجمعين، لامه على أنه السبب في خروجنا من الجنة، فقال له سيدنا آدم: "أتعلم يا موسى أن الله كتب المقادير قبل أن يخلقني"، فقال سيدنا موسى: نعم، فقال سيدنا آدم: فلمّ تلومني على شيء قدره الله قبل أن يخلقني؟.
إذ إنما يصيب الإنسان ما يصيبه من الألم على فوات مقدور لم يقدره الله لحظ النفس وطبيعتها ولضعف معرفتها بربها ولوهم الإنسان أن له قدرة على الفعل بالأسباب، وهذا وهم كبير إذ الأسباب أمرنا الله بالأخذ بها تعبدًا لله أما نتائجها فهذه شيء يخلقه الله مع السبب وقد لا يأذن فلا يخلقه مع السبب، ولذلك نجد الخلق يأخذون ذات السبب فينتج مع أحدهم نتيجة وتعقم النتائج مع الآخر والسبب أن الله أراد النتيجة لهذا فخلقها له ولم يرد النتيجة لهذا فلم يخلقها له.
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةحقيقة القدر
اعلم يقينًا أن القدر له حقيقة نعرف من وراءها وهو الله فعلمه قَدَرُهُ وهو لا يتغير فلا يبدل القول لديه فنؤمن بهذه الحقيقة ونرضى بها لأننا نعلم أن القدر بيده لا بيد غيره، والقدر أيضًا له مستقبل لا نعرفه فنطلبه بمظاهر الأسباب التي تظهر علينا بما قدره الله فينا فإذا ظهرت رضينا لأننا نعلم أن الحقيقة التي ورائها الله عز وجل، فالإيمان بالقدر هو الركن الخامس من أركان الإيمان.
كما دل على ذلك حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان ، فقال : « الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى »، وقال صلى الله عليه وسلم : « كل شيء بقدر حتى العجز والكَيْس»، وهو ما أكده المولى عز وجل في قوله: « إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ » (القمر:49).