كافل اليتيم بشره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكون في جواره بالجنة، كما بين المصطفى في الحديث: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا »، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا، كما بشر النبي عليه الصلاة والسلام، من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه ابتغاء وجه الله بحسنات كثيرة حين قال: « من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين»، لكن مع ذلك ليس شرطًا أن تكون كافل لليتيم حتى تكون مع النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الجنة، فقد من الممكن أن تكون شيئًا آخر.. فما هو؟.
التاجر الشاطر
قديمًا قالوا: (التاجر الشاطر ليس فقط من يفهم في البيع والشراء)، والمعنى أنه يعي متطلبات السوق، فضلاً عن إنسانيته وقت اللزوم، ومنح ما يستحق ما يريد لوجه الله تعالى، وبالتالي فإن هذا التاجر الصدوق الأمين يحشر أيضًا مع النبيين والصديقين والشهداء، تأكيدًا لقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة»، ذلك أنه من أطاع الله تعالى واتبع هداه حشر مع النبيين والشهداء.
كما قال الله تعالى: «وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» (النساء:69)، والتاجر الصدوق الأمين، لا يغش ولا يكذب أبدًا مهما كانت مكاسبه، وهو تصرف غير معتاد، إذ أن السوق دائمًا ما يتضمن الكثير من (الحلف الكذب) للبيع، لذلك من يصدق اختصه الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بمصاحبته في الجنة.
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةبركة البيع
فالتاجر قد يحاول إرسال رسالة للمشتري مفادها أنه صاحب أكبر متجر، أو أن بضاعته هي أفضل بضاعة في السوق.. فإن كان صادقًا في ذلك فلا حرج عليه فيه، وإن كان كاذبًا فقد ارتكب إثما كبيرًا، لما ثبت في الصحيحين أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وَإِنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا».
كما أنه في الكذب يكون قد فاته الثواب الكثير الذي أعده الله تعالى للتاجر الصدوق، وهو أن يكون مع النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهل هناك أعظم من ذلك فضلا؟.. بالتأكيد لا، ذلك أن الصديق في المرتبة الثانية من مراتب الخلق من الذين أنعم الله عليهم، كما قال الله سبحانه: « وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ » (النساء: 69).