برغم أن لرمضان فضلا عظيما على سائر الشهور فلا يمكن أن نتوقف عباداتنا عنده فقط بل علينا اعتباره بمثابة محطة وقود منه نتزود للطعة طوال العام.
والعبادات التي كنا نحرص على أدائها في رمضان نكمل بها مسيرتنا إلى الله ويستمر العطاء الذي يعود على المسلم بالخير في دنيا وأخراه لاسيما الصلاة التي هي معراج المسلم؛ فكل الطاعات يحبها الله تعالى غير أن هناك احاديث معينة خصت عبادات بعينها بفضل كبير وثواب عظيم من هذا ما جاء في فضل صلاتي الوتر وقيام الليل.
ففي رمضان لا يكاد يغفل الناس أو يتكاسلون عن أداء صلاة الوتر بعد أداء صلاة التراويح كل ليلة.. وكذا صلاة التراويح أو التهجد قربة لله تعالى لكن بعد رمضان ربما فرط البعض أو تكاسل عن هذه الصلوات.
فضل قيام الليل:
قيام الليل أو التهجد ليس قاصرًا على أيام رمضان ولا على العشر الأواخر منه بل ثابت طوال العام لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ،فمن الكتاب قوله تعالى: "أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب"، وقال سبحانه واصفاً المتهجدين بالليل: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون". وقال سبحانه: (والمستغفرين الأسحار) وغيرها . ومن السنة حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام). رواه الترمذي. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل).
لا تكسل على الفضائل:
إذا فقيام الليل وصلاة الوتر مشروعان على سبيل الدوام، وليس عند إرادة الدعاء فقط، أو الشعور باستجابته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ. رواه البخاري.
فضل صلاة الوتر:
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: إنما هي واحدة، أو خمس، أو سبع، أو أكثر من ذلك يوتر بما شاء، وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر، كما روى البخاري وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.
روى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وابن حبان وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل .
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع وبخمس.
وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل.
كما أن دوامك على العبادات بعد رمضان أمارة قبول عملك في رمضان.