يعدّ نقل الكلام بين الناس – خاصة إذا كان على سبيل الوقيعة أو الإفساد – من أسوأ الآفات الاجتماعية التي تهدد تماسك الأسر وترابط المجتمعات. وهو خلق مذموم نهى عنه الإسلام وحذرت منه الشرائع والأخلاق، لأن نتائجه لا تقف عند حدود الأذى النفسي، بل قد تصل إلى نشر البغضاء والفتن وقطع الأرحام وإفساد ذات البين.
أولاً: مفهوم نقل الكلام
نقل الكلام هو أن ينقل شخص ما حديثًا قاله أحدهم عن آخر بقصد الإفساد أو التحريض أو نشر الفتن. ويُسمى ناقل الكلام في الشرع بـ"النمَّام"، وقد ورد التحذير من النميمة في القرآن الكريم والسنة النبوية.
ثانيًا: النميمة في ميزان الإسلام
ذم الإسلام نقل الكلام لما فيه من فساد عظيم، قال تعالى في وصف بعض أهل الشر:﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ سورة القلم: 11
كما قال النبي ﷺ: "لا يدخل الجنة نمّام" متفق عليه
وهذا يدل على خطورة هذا الذنب وأنه من كبائر الذنوب، لما يترتب عليه من أذى وإفساد للعلاقات الإنسانية.
ثالثًا: صور نقل الكلام في الواقع
انتشر نقل الكلام اليوم بأشكال كثيرة، خاصة مع وسائل التواصل الاجتماعي، ومن أبرز صوره:
نقل الكلام بين الأصدقاء لإفساد العلاقات.
بث الشائعات بين الزملاء في بيئة العمل.
الوقيعة بين الأزواج أو أفراد الأسرة.
نشر الأخبار والشائعات دون التأكد من صحتها.
إعادة إرسال رسائل مسيئة تثير الفتنة أو تسخر من الآخرين.
رابعًا: خطورة نقل الكلام على المجتمع
لنقل الكلام آثار مدمرة، منها:
1. تفكيك العلاقات الاجتماعية ونشر العداوة بين الناس.
2. زرع الحقد والكراهية في النفوس.
3. إشعال الفتن التي قد تصل إلى القطيعة أو الخلافات الطويلة.
4. فقدان الثقة بين أفراد المجتمع.
5. إهدار الوقت والطاقة فيما لا يفيد.
6. تشويه السمعة ونشر الأكاذيب.
خامسًا: علاج آفة نقل الكلام
يمكن مواجهة هذه الظاهرة السيئة عبر عدة خطوات:
مراقبة الله قبل قول أي كلمة.
التحقق من صحة الكلام قبل نقله، تطبيقًا لقوله تعالى: ﴿إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ – الحجرات: 6
عدم الاستماع للنمامين ورفض مجالس الغيبة والنميمة.
إصلاح ذات البين بدلًا من الإفساد.
الستر على الناس وعدم نقل ما يسيء إليهم.
التربية على الأخلاق الحسنة داخل الأسرة والمدرسة والمسجد.
إن نقل الكلام آفة خطيرة تهدد وحدة المجتمع، ويجب على كل فرد أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والدينية في مقاومة هذه الظاهرة، وأن يكون عنصر إصلاح لا عنصر إفساد. فالكلمة أمانة، وما يخرج من اللسان إما أن يكون سبيلًا إلى الأجر، أو بابًا من أبواب الإثم والوزر. فليتق الله كل منا في حديثه، ولنجعل من قول النبي ﷺ مبدأ نعيشه: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت."