جميعنا يتمنى (حسن الخاتمة)، لكن الكثير منا يجهل كيفية الوصول إلى هذه الدرجة العظيمة، والتي لا ينالها إلا من رضي الله عز وجل عنهم، فالناس يعيشون في هذه الحياة ما كَتب الله لهم من الأعوام والشهور والأيام، ثم يرتحلون.
قال الله تعالى: « فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ » (الأعراف: 34)، وقال سبحانه أيضًا: « كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ » (آل عمران: 185)، ومن ثمّ فجميع المخلوقات إلى زوال، ولكن قليل منهم من يحقق حسن الخاتمة، فكيف الوصول إلى هذه الدرجة؟.
العلامات الخمس
هناك خمس علامات للوصول إلى حسن الخاتمة، ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ المسلم ﻭﺟﺒﻴﻨﻪ ﻳﻌﺮﻕ، فقد ﻗﺎﻝ النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﻌﺮﻕ ﺍﻟﺠﺒﻴﻦ».. ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ المسلم ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، فقد ﻗﺎﻝ النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : «ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﻤﻮﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺃﻭ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺇﻻ ﻭﻗﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﻘﺒﺮ »، أما ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: فأﻥ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ، فقد ﻗﺎﻝ النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ».
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﻬﻴﺪًﺍ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻘﻂ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺫﻛﺮ النبي صلى الله عليه وسلم، ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ ﻣﺤﺘﺮﻗًﺎ ﺃﻭ ﻏﺮﻳﻘًﺎ، ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﺃﻭ ﺑﻤﺮﺽ ﺍﻟﺒﻄﻦ، ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻋًﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻭﻋﺮﺿﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻴﺪ، بينما ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ، ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻣﺜﻼ ﺃﻭ ﺻﺎﺋﻤﺎ ﺃﻭ ﺫﺍﻫﺒﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﺿﺮﺓ ﺩﻳﻨﻴﺔ، إذ ﻳﻘﻮﻝ النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : «ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺒﺪ ﺧﻴﺮًﺍ ﻃﻬﺮﻩ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻭﻣﺎ ﻃﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﺒﺪ، ﻗﺎﻝ : ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﻠﻬﻤﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺒﻀﻪ ﻋﻠﻴﻪ».
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامالتقوى
وحسن الخاتمة يأتي بعد عمل طويل من التقوى، ومن الخوف من الله عز وجل، فمن أعظم ما ينبغي أن يحرِص عليه الإنسان، ختامُ حياتِه وحسنُ لقاء ربه، فمن وفقه الله للعملِ الصالحِ في آخر عمرِه وفي آخرِ ساعةٍ من الأجَل، فقد كتب الله له حُسن الخاتمة، ومن خذله الله فختم ساعةَ أجله بعمل سيءٍ أو ذنبٍ يُغضب الله، فقد ختم له بخاتمة سوء والعياذ بالله.
وقد أمرنا الله بالحرص على نيل الخاتمة الحسنة فقال تعالى: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (آل عمران: 102)، كما أنه سبحانه رغب وحث في كتابه الكريم على حُسن الاستعداد للقائه سبحانه وتعالى بالعمل الصالح فقال: « فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ (الكهف: 110).