لا تتجزأ الأخلاق في الإسلام .. وقد انحصرت بعثته صلى الله عليه وسلم فى إتمام مكارم الأخلاق حين قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..
ومع ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم يجدر أن نحيي سنته وتتبع نهجه ونتعرف على سيرته وأخلاقه فهذا هو الاحتفال حقا.

معاملة النبي للخادم:

ومن الأخلاق النبوية الشريفة معاملته صلى الله عليه وسلم الخدم معاملة حسنة لا معاملة بإحسان.. حيث كان يبالغ في إكرامهم ومواقفه في هذه كثيرة منها موقفه مع أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه البخاري في صحيحه عن المعرور بن سويد قال: (لقيتُ أبا ذر بالربذة (موضع قرب المدينة)، وعليه حُلَّة (ثوب) وعلى غلامه حُلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببْتُ رجلاً، فعيرتُه بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر أعيَّرْتَه بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خَوَلُكُم (خدمكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) رواه البخاري.

وهذا الحديث وضع عدة ضوابط لمعاملة الخدم كما بين الطريقة المثلى لمعاملتهم فهم إخواننا كما أنهم لا ذنب لهم فى وضعهم فقد جعلهم الله لحكمة تحت أيدينا من غير فضل لأحدنا على الآخر وبهذا يلزم التعامل معهم برفق ولين ولا نكلفهم من الأعمال ما لا يطيقون فإن فعلنا أعناهم حتى يقضوا حاجتنا.

العفو عن الخادم:

ومن روائع أخلاقه صلى الله عليه وسلم فى معاملة الخادم أنه كان يعفو عن زلله وخطئه ولا يقف له بالمرصاد والعفو صفة حسنة فى كل المواضيع لاسيما إن ملكته وكنت ذات ولاية على من تعفو عنه.
ومما يدل على وجود هذه الصفة فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) رواه أبو داود .

عدم الدعاء على الخادم:

كما نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الخادم فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعةَ نيل فيها عطاء فَيستجيب لكم) رواه أبو داود .

إعطاء الخادم حقه:

ولو يمكن لنا معاشر المسلمين أن نبخس الناس أشياءهم فلا معنى أن نكرمهم ثم نأكل حقوقهم المادية كما يفعل البعض مستغلا ضعف الخادم وحاجته فلقد ألزم النبي صلى الله عليه وسلم المخدوم أن يُوَفِّيَ الخادم أجره المكافئ لجُهده دون ظلم أو مماطلة. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عَرَقُه) رواه ابن ماجه.

فضل إكرام الخادم:

وثواب إكرام الخادم كبير وعظيم فهو من الصدقات التى ينبغى للمسلم أن يحافظ عليها فعن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أطعمتَ نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمتَ ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة) رواه أحمد.

عدم إهانة الخادم:

ومن كمال أخلاقه صلى الله عليه وسلم التى ينبغى اتباعها لاسيما ونحن في ذكرى مولده أنه لم يسئ لخادمه ولم يهنه ولم يضربه قط فلم يؤْثَر عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضرب خادماً أبداً. عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ خادما ولا امرأة قَط) رواه مسلم.

من إكرام النبي للخادم:

ومن روائع أخلاقه صلى الله عليه وسلم مع الخادم أنه لم يتأفف منه ولا يسأله ما يعمله ولا يعلق على ما يفعله له يقول قد شهد أنس رضي الله عنه الذي خدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم سنوات عديدة بأنه لم يتعرض لأي أذى مادي أو معنوي خلال تلك الفترة. عن أنس رضي الله عنه قال: (خدمتُ رسول اللهَ صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبَّني سبة قط، ولا قال لي أُف قط، ولا قال لي لشيء فعلتُه: لم فعلتَه، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلتَه) رواه مسلم.

وهذه الأخلاق مع الخدم بغض النظر عن ديانتهم أو معتقداتهم فعن أنس رضي الله عنه قال: (كان غلام يهودي يخدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسْلِم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري.

وبمناسبة الذكرى العطرة لميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ما أجمل أن يكون احتفلنا به بأحياء سنته والتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم.