بقلم |
محمد جمال حليم |
الاربعاء 12 يونيو 2024 - 07:59 ص
يبتلي الله أحبابه وأولياءه ليميزهم ويصطفيهم ويرفع درجاتهم ويعلي قدرهم فمن صبر فله الأجر ومن جزع فه السخط.. فما هو الجزع وما الفرق بينه وبين رقة القلب؟ معنى الجزع: الجزع هو ذلك الألم والضجر الذي يصيب النفوس حين تبتلى فتتسخط وتعترض على مقدرو الله تعالى. والجزع محبط لجزاء الصبر لأنه ضد الصبر فلو صبر المؤمن كان جزاؤه وفيرًا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له"(رواه مسلم).
جزاء الجزع:
أما أهل الجزع فإنهم على خطر عظيم وهذا مثال على ذلك، فعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجلٌ به جُرْح، فجَزِعَ، فأخذ سكِّينًا، فحَزَّ بها يده، فمَا رَقَأ (أي ما توقف)، الدَّم حتى مات، قال الله تعالى: بَادَرَني عبدي بنفسه ( أي استعجل الموت)، حرَّمت عليه الجنَّة".(البخاري) فانظر إلى جزعه حين لم يصبر على الألم قد ساقه إلى هذا الحرمان العظيم. وعن محمود بن لبيد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحبَّ الله قومًا ابتلاهم ( أي ليطهرهم من الذنوب)، فمَن صبر فله الصَّبر، ومَن جَزِع فله الجَزَع".(رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني).
الجزع ضد الرضا: والجزع ضد الرضا ولأن الصبر درجات صبر على الطاعة بأن يصبر المؤمن على الطاعة حتى يؤديها كاملة خالصة لله تعالى، وصبر على البلاء والابتلاء بألا يتسخط على مقدور الله ويرضى بقائه وقدره وصبر عن المعصية بأن يبتعد عنها ولا يقع فيها.. إن من البدهي أن من لم يصبر على مقدور الله من مرض أو قلة مال أو فق حبيب أو غيره فهو الساخط الجازع فعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بمال أو سبي، فقسَّمه، فأعطى رجالًا وترك رجالًا، فبلغه أنَّ الذين ترك عَتَبُوا، فحمد الله ثمَّ أثنى عليه، ثمَّ قال: "أما بعد، فوالله إنِّي لأعطي الرَّجل، وأدع الرَّجل، والذي أدع أحبُّ إليَّ مِن الذي أعطي، ولكن أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم مِن الجَزَع والهلع(أي: من شدة الألم والضجر الذي يصيب نفوسهم لو لم يُعطَوا من الغنيمة، فأعطيهم تأليفًا لقلوبهم، وتطييبًا لنفوسهم)، وأَكِلُ أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم مِن الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب".