دائمًا ما يحب الإنسان، أن يختار العمل أو الوظيفة الأكثر ربحًا، فإذا خيرته بين وظيفة في المنزل براتب ألف جنيه، أو بين وظيفة خارج المنزل براتب 27 ألف جنيه، حتما سيكون الاختيار هو لصالح الراتب الأعلى، (27 ألف جنيه)، فالإنسان يعتمد في اختياراته على الحوافز التي تسيل لعابه ناحية الربح الأكبر والاكثر قدره على تحقيق رفاهيته في الدنيا.
وقد خلق الله الإنسان، ويعرف ما فطره عليه من حب الاستزادة من الخير، قال تعالى في سورة العاديات: " ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )"، لذلك جعل الله عز وجل حوافز عديدة لكل عبادة يأمر بها عباده، لكي يحفز الإنسان على فعل الخير، والامتناع عن الشر، ومن بين هذه الحوافز، والتجارة الرابحة، ما وعد الله به المصلين في صلاة الجماعة، من الدرجات العلى، فصلاة الفذ أو الفرد يحصل فيها المصلي على درجة واحدة فقط، أما صلاة الجماعة فيأخذ على سبعة وعشرين درجة.
وورد في فضل صلاة الجماعة أحاديث كثيرة، منها قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَلاة الرَّجُل في جماعةٍ تَضْعُفُ على صلاته في بيته وفي سُوقِهِ خمسًا وعشرين ضِعْفًا؛ وذلك أنَّه إذا توضَّأ فأحسنَ الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يُخْرِجه إلاَّ الصلاة، لم يَخْطُ خطوةً إلاَّ رُفِعَتْ له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لَم تزَل الملائكة تُصلِّي عليه ما دام في مُصلاَّه، تقول: «اللَّهم صلِّ عليه، اللَّهم ارحمه».
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «مَن سَرَّه أن يَلْقى الله غدًا مُسلِمًا، فلْيُحافظ على هؤلاء الصَّلواتِ حيثُ يُنادَى بهن؛ فإنَّ الله تعالى شرع لنبيِّكم سننَ الهدى، وإنَّهن من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صليتم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته - «يعني المتخلف عن الجماعة»- ، لترَكْتم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضَللتم، وما من رجل يتطهَّر فيُحسِن الطُّهور، ثم يَعْمَدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلاَّ كتب الله له بكلِّ خطوةٍ يَخْطوها حسَنة، ويرفعه بها درَجة، وَيَحُطُّ عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها - «يعني عن الصلاة في المسجد» - إلاَّ منافق معلومٌ النِّفاق، ولقد كان الرَّجل يُؤتَى به يُهاَدى بين الرجلين -«يعني يُمسكه رَجُلان من جانبَيْه يعتمد عليهما» - حتَّى يُقام في الصَّف».
وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن توضَّأ فأسبغَ الوضوء، ثُم مشى إلى صلاةٍ مكتوبة، فصلاَّها مع الإمام، غُفِر له ذنبُه».
وقال أيضا صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن غَدَا إلى المَسجدِ أو راح أعَدّ الله له في الجنة نُزُلًا كلما غدا أو راح».
وتعادل صلاة المسلم للعشاء في جامعة صلاة نصف الليل، وصلاة الفجر في جماعة تعادل صلاة الليل كله، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن صلَّى العشاء في جماعةٍ، فكأنَّما قام نصف الليل، ومن صلَّى الصُّبح في جماعةٍ، فكأنَّما صلَّى الليل كلَّه»، وفي رواية أبي داود: «ومن صلَّى العشاء والفجر في جماعةٍ كان كقيام الليل».
ومن فوائد صلاة الجماعة
يحصل المسلم على ثواب التَّبْكير إليها في أوَّل وقْتِها، والمشي إلى المسجد بالسَّكينة، فيُرْفَع له درجة ودخول المسجد داعيًا
- صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له، شهادتهم له
-وإجابة الإقامة، والسَّلامة من الشيطان حين يفِرُّ عند الإقامة.
- وإدراك تكبيرة الإحرام، وتسوية الصفوف وسَدُّ الفُرَج، وجواب الإمام عند قوله: "سمع الله لمن حَمِدَه".
- احتفاء الملائكة به.
وتدرك صلاة الجماعة الدخول بها ولو في التشهد الأخير قبل أن يسلِّم؛ وذهب مالك إلى أنه لا يكون مدركًا إلا بإدراك ركعة كاملة، مشيرة إلى أنه على قول الجمهور من أدرك الإمام قبل أن يسلم تحتسب له جماعة، لكن فاته أجر التبكير بحضور تكبيرة الإحرام.
و يُبرئ الله المُصلّي من النار، ومن النفاق، وذلك لمَن أدرك تكبيرة الإحرام في جماعة أربعين يوماً؛ لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: «مَن صلَّى للَّهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدرِكُ التَّكبيرةَ الأولَى كُتِبَ لَه براءتانِ : براءةٌ منَ النَّارِ ، وبراءةٌ منَ النِّفاقِ»، وفي الحديث دلالة واضحة على أهمية الإخلاص في الصلاة.
ويُبشّر الله المُسلمَ الذي يسعى إلى الصلاة في الليل بالنور التامّ يوم القيامة، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «ليُبَشَّر المشاؤون في الظُّلمِ إلى المساجدِ بنورٍ تامٍّ يوم القيامة».