النية هي أساس كل عمل لاشك في ذلك، إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».

لكن هذا قبل إتيان أي عمل، فماذا لو حدد أحدهم نيته بعد أداء العمل؟.. مؤكد هنا قد لا يكون لها محل من الإعراب، فالأصل في النية أنها تسبق العبادة، أو تقارنها، ولا تكون بعدها، فلا يصحّ أن ينوي الزكاة بعد دفع المال، ولا يصحّ أن ينوي الفريضة بعد الشروع فيها، بل أنه في استحضار النية الأجر العظيم.

قال تعالى: «لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» (النساء:114).

أصل العبادة

العلماء يؤكدون أن أصل وروح العبادة هي النية، لأن الله عز وجل مطلع عليها، وبالتالي قد يبدو أمام الناس أحدهم يفعل أمرًا لا يليق، لكنه بينه وبين الله فإنما يريد فعل الخير، فهنا أجره على الله لاشك، والعكس صحيح، من يتباهى بعمل ما أمام الناس فإنما لا يقبله الله عز وجل أبدًا، فعن سليمان بن يسار قال: تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له أهل الشام: أيها الشيخ حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأُتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار».

اقرأ أيضا:

كل مشكلة ولها حل حتى المصيبة في الدين.. الأمل بابك للجنة

وجوب النية

إذن النية واجبة لكل عمل، ولكن مؤكد الوجوب هنا بمعنى الخيرية، أي أني كون العمل لله وحده خالصًا له سبحانه مهما كان الأمر، قال تعالى: «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» (البينة:5).

وفي الآية حث لنا على الإخلاص، وبيان أنه شرط أساسي في قبول العمل الصالح، إضافة إلى شرط المتابعة للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (الكهف:110).

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله، قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».