لا يخفى على أحد أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يضر بالصحة العقلية للفرد، الآن دراسة حديثة كشفت أن الحصول على استراحة قصيرة منها يمكن أن يخفف من أعراض الاكتئاب والقلق.
وأفاد باحثون بريطانيون أن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع أتاح لبعض المشاركين في الدراسة، الحصول على حوالي تسع ساعات من وقت الفراغ مما أدى إلى تحسين رفاههم.
قال مؤلف الدراسة، جيف لامبرت، الأستاذ المساعد في علم نفس الصحة بجامعة "باث": "إذا كنت تشعر أنك تستخدم بكثرة وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يؤثر سلبًا على صحتك العقلية، فقد يكون أخذ قسط من الراحة أمرًا يستحق المحاولة ويمنحك على الأقل بعض التحسينات على المدى القصير".
وأضاف لامبرت، أن هذه النتائج يمكن أن يكون لها آثار على كيفية إدارة الأشخاص لصحتهم العقلية، مما يوفر خيارًا آخر لهم لتجربته، "ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفحص الآثار طويلة المدى وما إذا كانت مناسبة في سياق سريري".
واختار الباحثون عشوائيًا، 154 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 72 عامًا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يوميًا، وطلبوا منهم إما التوقف عن استخدامها لمدة أسبوع، أو الاستمرار في استخدامها كالمعتاد.
وأمضى الأشخاص في الدراسة ما معدله ثماني ساعات أسبوعيًا على وسائل التواصل الاجتماعي. وتوصلت النتائج إلى أن الأشخاص الذين أخذوا استراحة من استخدامها طرأ عليهم تحسن كبير في الرفاه والاكتئاب والقلق، مقارنة بأولئك الذين استمروا في استخدامها.
وفقًا لنتائج الدراسة التي نشرت في مجلة "علم النفس السيبراني والسلوك والشبكات الاجتماعية"، فإن الذين أخذوا استراحة لمدة أسبوع استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي بمعدل 21 دقيقة، مقارنة بنحو سبع ساعات لغيرهم، بحسب لامبرت.
الشعور بالاكتئاب والقلق
ويعتقد الدكتور سكوت كراكور، الطبيب النفسي في مستشفى زوكر هيلسايد بنيويورك، أنه بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى الشعور بالاكتئاب والقلق لأنهم يقارنون أنفسهم بالآخرين على هذه المواقع.
وأضاف: "قد يشعرون بأنهم غير لائقين لأنهم ليسوا مثل هؤلاء الأشخاص الذين يتعاملون معهم. أنت لا تعرف شيئًا عنهم (....) قد تشعر أنك مستبعد بسبب بعض الأشياء التي يفعلها شخص آخر بحيث تثير مشاعر النقص وتقلل من احترام الذات".
ولا يعتقد كراكور أن التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي تمامًا هو بالضرورة أفضل استراتيجية للأشخاص الذين يعانون من مشاعر سلبية. لكنه يرى أنه من الأفضل وضع خطة لإدارة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تتضمن تقليل الذهاب إلى هذه المواقع أو أخذ فترات راحة قصيرة منتظمة.
وأضاف: "أعتقد أنه إذا كان لديك شك في أن الاكتئاب (و) القلق يأتي من الاتصال بالإنترنت أو أنك تشعر بالضيق من خلال النظر إلى الأشياء التي تلاحظها في وسائل التواصل الاجتماعي، وتعيق سير عملك، فأعتقد أنك يجب أن تأخذ استراحة صغيرة، حتى لو كانت يومًا أو يومين، وانظر كيف يمكنك الاستغناء عنها".
تابع كراكوير: "لا أعتقد أنه يجب عليك التوقف تمامًا إلا إذا شعرت أنك مدمن تمامًا على ذلك، لكنني أعتقد أنك بحاجة إلى مراقبته".
اقرأ أيضا:
فواحش الإنترنت.. كيف تقلع عنها فورًا؟الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي
وقال ميليسا هانت، المديرة المساعدة للتدريب الإكلينيكي في قسم علم النفس بجامعة بنسلفانيا، إن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي ليس هو الحل، بل هو تعلم كيفية استخدام هذه المواقع بطرق صحية.
وأضافت: "في حين أن الامتناع عن استخدامها قد يؤدي بالفعل إلى تحسين الرفاهية، فقد لا يكون واقعيًا أو ممكنًا أو حتى مستحسنًا على المدى الطويل".
وتابعت: "في النهاية، يجب أن يركز هدفنا على الحد من الضرر باستخدام هذه المنصات، وليس الامتناع عن استخدامها. أصبحت هذه المنصات جزءًا مهمًا من الحياة اليومية لمعظم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا. ويتمثل التحدي الحقيقي في مساعدة الأشخاص على استخدام المنصات بذهن وتكيف".