عزيزي المسلم، إياك أن تحزن على ما ضاع أو راح منك، فما راح فليضيع، لأنه من المؤكد أن الله سيعوضك خيرًا منه، ألم تتدبر قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (الأنفال 70)، فالله عز وجل قادر على كل تعويض مهما كان، ليس مثله فقط.. بل أفضل وأعظم وأجمل وأكبر وأهم منه.
فقط ثق في عوض الله لقلبك وسلم أمورك لله تجد ما يطمئن قلبك.. وربما كان ابتلاؤك فيما أخذ منك، رفعًا لدرجاتك، وزيادة في حسناتك، وتكفيرا لسيئاتك، فإن قضاء الله كله خير، كما في صحيح مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر، كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر، كان خيرا له».
الصبر أفضل
الصبر على البلاء أفضل التصرفات، لأن الله بذاته العليا هو من يجزي الصابرين، كما قال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» (البقرة:155-157)، وقال تعالى: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (التغابن:11).
والنصوص في ثواب الصابرين، وما أعد لهم من الأجر كثيرة جدًا، بل قد قال بعض السلف: «لولا المصائب، لوردنا القيامة مفلسون»، فاحمد الله عزيزي المسلم على ما أكرمك به، أن خصك بهذه الكرامة العظيمة، وأنزل عليك هذا الكرب تمحيصا لك، وتكفيرًا لذنوبك، ولعل لك عند الله منزلة لا تبلغها بصالح عمل، فقدر ما قدره لينيلك تلك المنزلة.
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامعوض الله
كن على يقين تام بأن الله سيعوضك ما هو أفضل مما راح أو ضاع، فلا تجزع أو تيأس، ومن أهم أساليب العوض الرباني الذي قد يغفل عنه الجميع مع ألم المصيبة، زيادة الإيمان وثبات القدم على صراط هدايته، كما قال تعالى: « الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (البقرة: 156، 157).
ومنها أيضًا ما يفرغ الله به على قلب عبده من زاد الصبر الذي لا يَنفد خيره ولا يحصر أجره، إذ يقول سيدنا عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين: «ما أنعم الله على عبد نعمة، فانتزعها منه، فعاضه مكان ما انتزع منه الصبر، إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزع منه»، ثم قرأ: « إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ » (الزمر: 10).