أخبار

هل يحبونك بالفعل؟ أم ماذا يستقر في ضمائرهم؟ اسأل عن سلوكك معهم

اختبر نفسك واعرف معدنك الحقيقي.. هل أنت شهم أم نذل؟

"عظمة النبوة".. كيف كان يقبّل النبي أصحابه؟

إلى أصحاب القوة.. إنما يأتي النصر بالضعفاء

كيف أحسن إلى الجار.. هذه أفضل الوسائل

هل تحتاج لأدلة عقلية على وجود الله ؟..هكذا تشهد نظريات نشأة الكون بالخالق الحكيم المدبر

بغايا يتحولن إلى عابدات.. هذه قصة توبتهن على يد لقمان الحكيم

وصايا الحكام لولاتهم.. ممن حذر عمر بن الخطاب؟

الرسل لا تقتل.. سنة نبوية بسبب رسل "مسيلمة الكذاب"

هل يحاسب الله الرسل على ما كلّفهم به يوم القيامة؟ (الشعراوي يجيب)

لماذا نشعر بالتعاسة والفقر؟.. حصنوا بيوتكم وأرزاقكم بالعدل

بقلم | أنس محمد | الثلاثاء 15 اكتوبر 2024 - 01:22 م


يقول الله تعالى في سورة البقرة: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)".

هل تشعر بالتعاسة في بيتك، هل تجد قلة البركة في تربية أبنائك، هل تشعر أن راتبك لا يكفي، وأن حاجة أسرتك أكبر بكثير من دخلك الشهري ورزقك، هل ترى الدنيا سوداء، وتشعر بالاكتئاب بشكل مستمر، ربما نشعر في أغلبنا بهذه المشاعر، مع تنامي المشكلات الاجتماعية التي نمر بها كل يوم، ولكن هل سأل الإنسان نفسه ما هي أسباب قلة هذه البركة والشعور الدائم بالتعاسة؟.

يقول الله تعالى في سورة آل عمران: " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)".

دائما ما تأتي المصائب فوق رؤوسنا من عند أنفسنا ومن أعمالنا، فمن أعمالنا سلط علينا وبذنوبنا، كما أن أننا نستجيب بشكل دائم لشعور الاكتئاب وعدم الرضا بالرزق، ونتناسى حقوق الله علينا، فلا صوت بداخلنا إلا صوت الشيطان في الانتصار إلى الشهوات، وحب الكثير وعدم القناعة بما في أيدينا، فالشيطان لا يعد إلا بالفقر لأنه كما ذكر ربنا يخلق في داخلك عدم الرضا بأي شيئ،ـ فمهما كنت في رغد من العيش وصحة لا تمتلئ عينك بما في يديك، والشيطان لا يأمر إلا بالفحشاء، لأنه دائما ما يزين لك الحرام ويملأ عينك بحب الدنيا وزينتها فيسيطر عليك بحب الفاحشة، ولكن الله يأمر بالعدل ويعد بالمغفرة لمن تاب وآمن.

كيف تحصن مدينتك الصغيرة "أسرتك"؟


كتب بعض وُلاة الخليفة عمر بن عبدالعزيز، كتابًا جاء فيه: "أمَّا بعد، فإنَّ مدينتنا قد خربت، فإنْ رأى أميرُ المؤمنين أن يقطع لها مالاً يَرمُّها به، فعل، فكتب إليه عُمر: "أمَّا بعد: فقد فهمتُ كتابك، وما ذكرت أنَّ مدينتكم قد خربت، فإذا قرأتَ كتابي هذا؛ فحَصِّنْها بالعدل، ونَقِّ طرُقَها من الظُّلم؛ فإنَّه مَرمَّتُها، والسَّلام".

فكما تُخرّب المدن بالظلم والجور، تُخرّب النفوس أيضا بالظلم والمعصية، وتُخرّب البيوت والأسر بالجور والشهوات وعدم القناعة، فالجور والظلم يقوِّض أساسها، وينخرها من داخلها، فأنَّى لمدينتك الصغيرة الممثلة في أسرتك، أن تفيدها شيئًا؟! لأنَّها لم تؤسَّس على التقوى، وإقامة العدل والقسط؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109].

فالأسر والمدن إن لَم تُؤسَّس على التَّقوى وإقامةِ العدل والقسط، فإنَّها ستنهار على ساكنيها.

لذلك نبه الله عبادَه المؤمنين أن يعتبروا من قصص الأولين: ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2] بعد قوله: ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحشر: 2].

 فالعدل مع النفس والغير هو الأساس في الحفاظ على حياة الفرد، وصيانة الأسرة، وبركة الأولاد، لهذا قال أحد الصحابة: "إنَّ الله يَنصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يَنصر الدولة الظالمةَ وإن كانت مؤمنة".


فأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل ورد الحقوق، والحفاظ على الأخلاق، وتصفية القلوب، فبالعدل والقسط تدوم الحياة وتستمِرُّ، وبالجَوْر والظُّلم تزول وتذهب، وكما قيل: "العدل إذا دام عمَّر، والظلم إذا دام دمَّر".


ويذكر الإمام الذهبِيُّ عن وهب بن منبِّه أنه قال: "بنَى جبَّارٌ من الجبابرة قصرًا، وشيَّدَه، فجاءت عجوز فقيرة، فبنت إلى جانبه كوخًا تأوي إليه، فركب الجبَّارُ يومًا وطاف حول القصر، فرأى الكوخ، فقال: لِمَن هذا؟ فقيل: لامرأةٍ فقيرة، تأوي إليه، فأمر به، فهُدِم، فجاءت العجوز، فرأَتْه مهدومًا، فقالت: من هدمَه؟ فقيل: الملك رآه، فهدمه، فرفعت العجوزُ رأسها إلى السماء، وقالت: يا ربِّ، إذا لم أكن أنا حاضرة، فأين كنتَ أنت؟! قال: فأمر الله جبريل أن يقلب القصر على مَن فيه، فقلبه".

ويحكى أنَّ يحيى بن خالد البرمكيَّ قال له بعضُ بنيه وهم في السجن والقيود بعد أن كان في عزَّة ومنَعة: "يا أبَت، بعد الأمر والنَّهي والنِّعمة؛ صِرنا إلى هذا الحال؟!"، فقال: "يا بُنَيَّ، دعوةُ مظلومٍ سرَتْ بليل، ونحن عنها غافلون، ولم يَغفل الله عنها، ثم أنشأ يقول:

رُبَّ قَوْمٍ قَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَةٍ
زَمَنًا وَالدَّهْرُ رَيَّانُ غَدَقْ
سَكَتَ الدَّهْرُ زَمَانًا عَنْهُمُ
ثُمَّ أَبْكَاهُمْ دَمًا حِينَ نَطَقْ

أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ الظُّلْمَ شُومُ
وَمَا زَالَ الْمُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
سَتَعْلَمُ يَا ظَلُومُ إِذَا الْتَقَيْنَا
غَدًا عِنْدَ الْمَلِيكِ مَنِ الْمَلُومُ


فكما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حينما بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: ((اتَّقِ دعوةَ المظلوم؛ فإنَّها ليس بينها وبين الله حجاب)).


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ﴾ [النساء: 135].

اقرأ أيضا:

هل يحبونك بالفعل؟ أم ماذا يستقر في ضمائرهم؟ اسأل عن سلوكك معهم

العدل يزيد البركة


عدل الإمام بين رعيته، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ المقسطين عند الله على منابِرَ من نور، عن يمين الرَّحمن - عزَّ وجلَّ - وكِلْتا يديه يَمين، الذين يعدلون في حُكمهم وأهليهم، وما ولوا)).


العدل بين المتخاصِمين: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].

العدل بين الزَّوجات: فمن تزوَّج بأكثرَ مِن واحدة وجب عليه أن يعدل بينهما أو بينهنَّ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مَن كانت له امرأتانِ، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشِقُّه مائل)).

العدل بين الأولاد: فعن النُّعمان بن بشير رضي الله عنه قال: انطلق بي أبي يَحمِلُني إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، اشهد أنِّي قد نَحلتُ النُّعمان كذا وكذا من مالي، فقال: ((أَكُلَّ بنيك قد نحلتَ مثل ما نحلت النُّعمان؟!)) قال: لا، قال: ((فأَشْهِد على هذا غيري))، ثم قال: ((أيَسُرُّك أن يكونوا إليك في البِرِّ سواء؟)) قال: بلى، قال: ((فلا إذًا)).

العدل في كل شئون المسلم أمر إلهي، في الأقوال والأفعال لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ [الأنعام: 152]، والعدل في الأفعال؛ لقوله: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8].


الكلمات المفتاحية

لماذا نشعر بالتعاسة والفقر؟ العدل يزيد البركة كيف تحصن أسرتك الصغيرة؟

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled يقول الله تعالى في سورة البقرة: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ