إن أردت أن ينصرك الله في الدنيا والآخرة.. فاحرص على هذا العمل

بقلم | محمد جمال حليم | الجمعة 08 ديسمبر 2023 - 11:29 ص

لا أتوقع أن أحدًا يحب أن يكون ضعيفا مستذلا وهذا شأن المسلم أن يعيش مرفوع الرأس عالي الهامة عظيم الشأن رفيع المقام منصورًا.

خلق الله الإنسان وكرمه وجعل له أسباب العزة والكرامة وهيأ له سبل الخير وأمره باتخاذ ما يناسبه من وسائل مشروعة يتحقق بها النصر والعزة له... قال تعالى: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.."، وبهذا فإن المسلم مأمور باتباع سبل الرشاد التي فيها النصر والنصرة له ولقومه.

كيف ينصرني الله؟

إنه لكي ينصرك الله تعالى لابد أن تكون أهلا لهذه النصرة متبعا ما أمرك الله به قدر الوسع والطاقة مبتعدا عن كل ما من شأنه يغضب الله تعالى، على أن هناك وسيلة رائعة حص عليها الشرع الحنيف تكون سببا في نصرتك في جميع أحوالك في الدنيا والآخرة وهي أن تنصر أخاك المظلوم وتدافع عنه بحق.

وقد توارد الأحاديث التي تبين ذلك فالقائم بحق النصرة أو المتخاذل عنها؛ كل منهما يلقى ثمرة ذلك - في الدنيا والآخرة - جزاء وفاقـًا كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمـًا عند موطن تُنتهَك فيه حُرمتُه ، ويُنتَقَص فيه من عِرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته، وما من امرئٍ ينصر امرءًا مسلمـًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلاَّ نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".(رواه أحمد وحسنه الألباني).

كيف أنصر أخي الظالم؟

ولا ينبغي أن نفهم أحاديث النصر لإخواننا خطأ فكان أبناء الجاهلية يتناصرون في الخير والشر، وأراد الإسلام لهذا الخلق أن يستمر بوجهه الخيّر معطيـًا له معنى جديدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "انصر أخاك ظالمـًا أو مظلومـًا ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومـًا ، أفرأيت إذا كان ظالمـًا كيف أنصره ؟ قال : تحجزه - أو تمنعه - من الظلم فإن ذلك نصرَه". (رواه البخاري).. نصر الظالم إذا رده عن ظلمه.

ولهذا بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم – هذا الأمر مشبهـًا حال صاحب العصبية ببعير هلك: "من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي رُدّي، فهو ينزع بذَنَبِه". (رواه أبي داود).

بم تتحقق النصرة؟

ولها فعلى المسلم أن يسعى دائما نصرة أخيه على الحق بالحق لا أن يجور ويقره على باطله أو يسعى لنصرته بما لم يشرع الله تعالى، وتتحقق النصرة بكلمة أو شفاعة أو إشارة بخير، إن لم يقدّمها مع قدرته على ذلك وهو يرى بعينه إذلال أخيه، ألبسه الله لباس ذلّ أمام الخلق يوم القيامة؛ لتقصيره في نصرة أخيه، ورفع الذل عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "مَن أُذلّ عنده مؤمن فلم ينصره - وهو قادر على أن ينصره - أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة". (رواه أحمد) .

وكما تكون النصرة في حال وجوده تون في حال غيابه بل هي الأولى لأنه يكون غائبا لا يدافع عن نفسه وتسقط المجاملات وتظهر حقيقة المشاعر، وتخلص النصرة لله - يكون من ثمرتها أن يسخر الله للناصر مَن يقف إلى جانبه وينصره في الدنيا ويتولاه الله في الآخرة، كما في الحديث : "مَن نصر أخاه بظهر الغيب، نصره الله في الدنيا والآخرة".