لا يخلو حال المؤمن من أمرين إما أن يتبع سبيل الحق فيكون ممن أحباه الله واختاره أو أن يكوم مغضوبا عليه من الله ممقوتا من الرسول والصالحين.

كيف يحبك الله؟

ولا يكون المسلم محبوبًا إلا إن اجتهد في تحصيل الطاعة واتباع سبيل الرسول والبعد عما حذر من الله ورسوله.. وبهذا ترتفع درجته ويعلو قدره وتكثر حسناته.. أما الآخر فهو من اجتهد لكنه اجتهد في سبيل الشر فهو ينافس أهل الدنيا ويقاتل ويعادي من أجلها ولا يهمه ما فاته من أمر دينه.

آفات اللسان:

ومن تيسير الله تعالى لعباده أن بيّن لهم على لسان نبيه ما يضرهم وما ينفعهم ووضح أن من أفضل أبواب الخير حسن الخلق فهو المثقل للميزان.. وعلى العكس فسوء الخلق باب لكل شر.. والمؤمن العاقل هو الذي يلتزم بطيب القول وحسن الخلق ولا يفتح على نفسه أبوب الشرور.. فإن تكلم تكلم بخير وإلا سكت ليسلم روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: (رحم الله من قال خيراً فغَنِم، أو سكت فسَلِم)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ رضي الله عنه: (يا معاذ أنت سالم ما سكت، فإذا تكلمت فعليك أو لك).

السكوت من أبواب النجاة:

بل قد وضح النبي أن السكوت من أبواب النجاة ففي الحديث من صمت نجا كما وصى النبي صلى الله عيه وسلم عقبة بن عامر رضي الله عنه فيما رواه الترمذي، قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: (أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتُك، وابكِ على خطيئتك).

ومما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى أن كثرة الكلام تعني احتمال وقوع اخطاء وكلما تكلم المرء وهو لا يبالي بما يتكلم ربما أورده الكلام المهالك روى أبو نعيم في الحيلة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كثر كلامُه كثر سقطُه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به).

عظم الكلمة في الإسلام:

ومما يدل على عظم خطر من يتكلم بكلمة أو يتدخل فيما لا يعنيه أن كلمة واحدة قد ترفعك درجات او تهوي بك في النار سبعين خريفا كما جاء في الحديث أيضا صح عن النبي أنه قال : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد كعباً رضي الله عنه فسأل عنه، فقالوا: مريض، فخرج يمشي حتى أتاه، فلما دخل عليه قال: أبشر يا كعب، فقالت أمُّه: هنيئاً لك الجنَّة يا كعب، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من هذه المتألية على الله – أي: التي تحلف بالله فتحكم عليه – قال: هي أمي يا رسول الله، قال: وما يدريك يا أم كعب، لعل كعباً قال ما لا يعنيه أو منع ما لايغنيه).

حسن الخلق وسوء الخلق:

ومن أسوء أبوب الشر التي يجنيها بعض المسلمين بجهلهم وابتعادهم عن منهج الله تعالى ورسوله أن يقعوا في التكبر وازدراء الناس وكثرة الكلام الفاحش فقد روى الترمذيُّ عن جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ».

والثرثار هو كثير الكلام متكلفاً خروجاً به عن الحق، بينما المتشَدِّق: هو الذي يتطاول على الناس بكلامه، والمتفيهق: هو الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسَّع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً لفضله على غيره.

وعلى هذا بين الرسول في الحديث أن حسن الخلق باب واسع لدخول الجنة بل للقرب من مجلس رسول الله فيها على حين أن هؤلاء الذين تجرهم ألسنتهم لسوء الخلق هم الأبغض والأبعد مجلسا منه يوم القيامة.