الصدقات أنواع، وأيضًا درجات، إذ يقول المولى عز وجل: « قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ »، وقال أيضًا سبحانه وتعالي: « وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»، وقال تعالي: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ».
ومن أفضل الصدقات، بناء المساجد، مصداقًا لقوله تعالى: « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ » (التوبة: 18)، وهو ما أكده النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في قوله: «مَن بنى مسجدًا - قال بكير: حسبتُ أنه قال - يبتغى به وجهَ الله، بنى اللهُ له مثلَه في الجنة».
بناء المدارس
ومن أعظم الصدقات، المشاركة في بناء المدارس الإسلامية، وكفالة الدعاة والمدرسين والأئمة، قال تعالى : « يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ » (المجادلة: 11)، وهذا من الجهاد في سبيل الله، إذ ال الله سبحانه : « وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا» (الفرقان: 52).
ومن أعظم الصدقات أيضًا، سقيا المياه، ففي الصحيحين، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشى بطريق، اشتدَّ عليه العطشُ، فوجد بئرًا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغ مني، فنزل البئرَ، فملأ خفَّه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةالإنفاق الطيب
أنفِقْ في وجوه الخير المختلفة ما دمت على قيد الحياة، ولا تخشى الفقر أبدًا، قبل أن يفاجئك الأجل المحتوم، وتصدَّق وأنت صحيح الجسد قبل أن يطولك المرض، فالمسلم إذا تصدق بصدقة من كسب طيب مخلصا لله تعالى فإنه يثاب على قدر صدقته لقوله تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ» ( الأنعام : 160).
ويقول أيضًا سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا» ( النساء : 40)، وعليه فثواب الصدقة يعظم كلما كثر المبلغ المتصدق به، نسأل الله تعالى أن يعين الجميع على الإنفاق في وجوه الخير، وأن يتقبل منا، إنه سميع مجيب الدعاء.