ما حكم التجسس على الموظفين ومراقبتهم؟
الجواب :
تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب أنه لا حرج في تولي مراقبة العمال وإخبار الإدارة بأخطائهم وتجاوزاتهم المتعلقة بالعمل، بشرط ألا يكون في ذلك تجسس على ما يسترونه ويخفونه؛ لحرمة التجسس، قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الحجرات/12، عن أَبُي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا.
وذكرت اللجنة قول النبي صلى الله عليه وسلم في حرمة التجسس: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ رواه الترمذي وأبو داود.
أما بالنسبة لواقعة السؤال فتوضح اللجنة أن التنصت على مكالمات الموظفين، أو الدخول على أجهزتهم، أو تفتيش أغراضهم الخاصة دون علمهم، فذلك كله تجسس محرم، وأما الإخبار بالأمر المعلن ، ككون الموظف ينام، أو يجلس بلا عمل، أو يحضر متأخرا، أو ينصرف قبل موعده، ونحو ذلك، فليس تجسسا، ولا حرج فيه، وينبغي الحذر من نقل كلامهم في بعض أو في الإدارة؛ لما في ذلك من النميمة.
وتستطرد: وعلى من كلف بهذا العمل أن يتحرى الصدق، وأن يقدم النصيحة للموظف قبل رفع أمره، وأن يتحلى بالرفق ما أمكنه، ليصيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم (1828) عن عائشة رضي الله عنها أنه سمعت رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أنا أعمل في مجال المحاسبة ومراقبة دوام وعمل الموظفين، وأقوم بإيضاح سير العمل لصاحب المؤسسة، ومن ذلك مثلا أقول له بأن فلاناً قد غاب أو تأخر، أو أنه أخطأ بكذا وعمل كذا ، وذلك لأبين لصاحب المؤسسة الخلل الموجود ليقوم هو بعلاجه ، فهل أنا آثم على ذلك على الرغم من نصحي للموظفين قبل أن أكلم صاحب المؤسسة ولكن دون جدوى منهم أفيدوني مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
إن عمل هذا السائل عمل طيب مشكور عليه مثاب عليه، وهذا مقتضى الأمانة ألا يحابي أحدا، والرجل جزاه الله خيرا ينصح العمال، أولا فإن استقاموا تركهم، وإن لم يستقيموا أخبر بهم وهذا واجب عليه، فأسأل الله أن يثبته ويعينه وأن يكثر من أمثاله لأن أمثاله في وقتنا عزيز قليل جدا ، وسبب ذلك الحياء أو الخجل أو يقول الإنسان: أنا لا أريد أن ينفصل أحد من الوظيفة على يدي أو ما أشبه ذلك، وكل هذا من الغلط، إن الله لا يستحيي من الحق، وإذا فصل من هذه الوظيفة بسبب ترك القيام بما يجب عليه، فهو الذي جنى على نفسه".