بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم معلما للبشرية كلها .. فهو الرسول القدوة والأسوة قال تعالى:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21) ..
طريقة النبي في معالجة الخطأ:
وما ينبغي التوقف عنده كثيرا طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الناس وتصويب أخطاء الغير.. فهل كان فظا غليظا أم رؤوفا رحيمًا.. لقد أجاب القرآن على هذا التساؤل حين قال تعالى:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القلب لانفضوا من حولك..".
وقال تعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ".
امتازت وتميزت طريقة رسول الله في تصحيح الخطاء باللطف واللين فهو القائل اللين ما كان في شيء إلى زانه وما نزع من شيء إلا شانه ".
بل إنه كان يفتح باب الأمل والتوبة امام من يخطئ مهما كان خطأه كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كلُّ بني آدم خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التَّوابون ) رواه الترمذي .
ماذا فعل النبي مع من بال في المسجد؟
ومن الأمثلة الرائعة التي سجلتها كتب السيرة مان من معالجته صلى الله عليه وسلم لأمر هذا الأعرابي الذي بال في المسجد كيف تصرف النبي معه رغم بشاعة ما قام به في محضر من الصحابة .
معلوم أن المخطئ أحيانا لا يشعر أنه أخطأ، فينبغي أن نزيل الغشاوة عن عينيه ليعلم أنه على خطأ، فعن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ: ( أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس فصلى ركعتين ، ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد تحجَّرت (ضيقت) واسعا، ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد، فأسرع الناس إليه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم ـ وقال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، صبوا عليه سَجْلا من ماء ) رواه أبو داود .
هذا الصحابي يستأذن النبي في الزنا.. ماذا قال له الرسول؟
وهذا الموقف الرائع الذي جاء فيه صحابي يستأذنه في الزنا هل زجره النبي وعنفه وصار أضحوكة للصحابة .
هذا الموقف ربما لا يتكرر كثيرا ومع ذلك تعامل النبي مع الموقف بحكمة بالغة وعالج الأمر برشد فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء) رواه أحمد .
وفي رواية أخرى: وقال: (اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن شيء أبغض إليه منه - الزنا -) .
وهذه المواقف تظهر كيف كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع من يخطئ أو يريد الخطأ.. وهو ما ينغي أن نتعلمه ونتفهمه وسير على ضوئه.