حينما يشعر الإنسان بالضعف لأي سبب حل به يريد في هذه الحالة من يواسيه من يعطف عليه من يحنو عليه حتى تتغير حالته ويعود إلى طبيعته.
وجب خواطر المنكسرين ومواساتهم من الصفات التي دعا إليها الإسلام وحث عليها ويظهر هذا في مشروعية اتباع الجنائز وعيادة المرضى وإطعام الطعام والنصح بالقول والعمل وجبر الخواطر وغي ذلك من الأشياء التي تخف على من حال المبتلى.
حق المسلم على المسلم:
فها هو صلى الله عليه وسلم يقول عنه عثمان بن عفان:” إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنَّ نَاسًا يُعْلِّمُونِي بِهِ، عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمْ رَآهُ قَطُّ “،
بل إن النبي نفسه كان إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ: ” مَا أَبْدَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ ”، يقولُ صلى اللهٌ عليه وسلم:” إِنَّ أَبَا بَكرٍ وَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ” . (البخاري) .
ولهذا حرص الصحابة على دعم أوصار المجتمع بالحب والإخاء ولو بالكلمة الطيبة، ففي الحديث: « وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» ( متفق عليه)، ومن المواساة أن رفع عنه الظلم إن استطعت وتسعى إليه في مصلحته، وفي ذلك يقولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ“، ويقولُ أيضًا:” وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”(مسلم).. ويقول الحسنُ البصريُ رحمه الله: ” لأن أقضي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ منْ أنْ أصلي ألفَ ركعةٍ، ولأن أقضي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكفَ شهرين”.
الدعاء بظهر الغيب:
فإن لم تستطع أن تفعل معه شيئًا فلا عليك سوى الدعاء له بأن يرفع الله عن البلاء والكرب وأن يكسف عنه ما ألم به ويرد عليه صحته إن كان مريضا وماله إن كان فقيرا ويزيل همه إن كان مكروبًا وفي هذا الدعاء له يجعل الله لك بمثل أجرا كما ان الله يقيد لك ملكا يقول لك ولك بمثل ففي الحديث:« دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ؛ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ» (مسلم).
ومن روائع مواساته صلى الله عليه وسلم للفقراء حينما أتوا إليه مكسوري الخاطر وقالوا : يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: “أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» رواه مسلم.