كثير منا يدعو الله سبحانه وتعالى وربما لايستجاب له، فيتساءل: " في أي شيء قصرت حتى لا يسمع ندائي؟"، وربما يكون عدم إجابة الدعاء من الخير فقد يدعو الإنسان بشر ولا يشعر، يقول الله تعالى في سورة البقرة: " وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)"، ويقول في سورة الإسراء: " وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11)".
مفاتيح إجابة الدعاء
الثناء وحسن الظن
كان النبي صلى الله عليه وسلم كان حين يدعو يثني على الله سبحانه وتعالى بما يليق به، حتى يستجاب الدعاء، وكان حسن الظن صلى الله عليه وسلم في إجابة الدعاء، ((يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
ويقول الله تعالى في سورة البقرة﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.
فالأمر كله بيد الله, الأمر كله يرجع إلى الله, الأمر كله بتقدير الله: "أنا عند ظن عبدي بي".
إذا ظننت أن الله على كل شيء قدير, وأن الأمور بيده, وأن أمره نافذ.
وكان النبي حسن الثناء على الله قبل دعائه، فكان يقول:(( اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ))
فأنت حينما تتعامل مع الله بالدعاء أنت أقوى الأقوياء في أي مجتمع؛ مهما كنت ضعيفاً, مهما كنت مستضعفاً, مهما كنت في الدرجة العاشرة, لا حول لك ولا قوة, لا تستطيع أن تحل أقل مشكلة, ولو بدا لك أنك مستضعف, وأنك ضعيف, وأنك لا حول لك ولا قوة, إذا كنت مع الله فأنت أقوى الأقوياء, و لا يوجد إنسان يدعو الله بإخلاص إلا ورأى النتائج ملموسة, رآها رأي العين, رآها واضحة كالشمس, لذلك: هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم:((أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني)).
الدعاء قوة
الإنسان بالدعاء أقوى من كل قوي في الأرض ، فأنت إذا كنت مع الله خلق الله لك من الضعف قوة, خلق الله لك من الجهل علماً, من الفقر غنى.
ما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك فقري أدفع
ما لي سوى قرعي لبابك حيلة فإذا رددت فأي باب أقرع؟
ومن بعض الأدعية: "يا رب كيف نفتقر في غناك؟ وكيف نذل في عزك؟ وكيف نُضام في سلطانك؟".
أي أنت بالدعاء قوي جداً, أنت بالدعاء أقوى من كل قوي في الأرض, أمرك بيد الله عز وجل.
فأحياناً الأمور تبدو أمام الإنسان مسدودة, أي عندك رغبة أن يصلح الله لك زوجتك فعليك بالدعاء, أن يصلح الله لك أولادك فعليك بالدعاء, أن ييسر لبناتك أزواجاً طاهرين فعليك بالدعاء, أن يكون رزقك وفيراً فعليك بالدعاء, أن يلهمك الصواب في الأقوال والأفعال فعليك بالدعاء, أن يلهمك الحكمة فعليك بالدعاء, أن يوفقك في عملك التجاري فعليك بالدعاء, ما من شيء يقع إلا بتوفيق الله، قال تعالى:﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾[سورة هود الآية:88]
اقرأ أيضا:
لا تدع الإيمان ينقص في قلبك وجدده بهذه الطريقةالإكثار من الدعاء عند السجود:
كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء أثناء السجود ففيه قرب من الله، وأحياناً يأتي الرزق وفيراً بالدعاء, بمعاملاتك, وعبادتك((أَقرَبُ ما يكونُ العبدُ من رَبِّهِ وَهُو سَاجِدٌ، فأكثِرُوا الدُّعَاءَ))[أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة].
هناك صلاة, فيها وقوف, فيها ركوع, فيها سجود, أقرب حال إلى الله وأنت ساجد, ففي السجود أكثر من الدعاء.
وأففضل الدعاء في الثلث الاخير من الليل، ((يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، حين يبقَى ثُلثُ الليلِ الأِخيرُ، فيقول: من يَدعُوني فأَستجيبَ له؟ مَن يَسْألُني فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ ؟))[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة].
((إِذَا مَضى شَطْرُ الليل، أو ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبارَكَ وتعالى إِلى السماءِ الدنيا، فيقولُ: هل من سائِلٍ فَيُعْطَى؟ هل من دَاعٍ فَيُستَجَابَ لَه؟ هل من مُستَغفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ؟ حتى يَنفَجِرَ الصُّبْحُ))[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة].