لقد خص الله شهر رمضان بفضائل لا تحصي حيث تفتح فيه أبواب الجنة وأبواب السماء بشكل يدفع المسلم للتضرع إلي الله بالدعاء ليكون من عتقائه من النار ومن المحجوبين خلال هذا الشهر وتغلق فيه أبواب جهنم كما جاء في حديث الرسول " إذا دخَل رمضان، فُتحِت أبواب الجَنَّة، وغُلِّقت أبوابُ النار، وسُلسِلت الشياطين"؛
مِن خصائص هذا الشهر الكريم أنه إذا دخَل فُتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب، وغُلِّقت أبواب جنهم فلم يُفتَح منها باب، وذلك علامةٌ لدخول هذا الشهر الكريم يُدرِكها أهل السماء، ويستشعِرُها أهل الأرض المؤمنون بخبرِ الصادق المصدوق، وفي هذا تعظيمٌ لهذا الشهر، وإشعارٌ بمكانته وحرمتِه، وفيه إيذانٌ بكثرة الأعمال الصالحة فيه، وترغيب للعاملين بطاعة الله تعالى.
عن فضل شهر رمضان وجه سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه سؤالا للرسول صلي الله عليه وسلم :أي الأعمال أفضل يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله يا أبا الحسن !.. أفضل الأعمال في هذا الشهر : الورع عن محارم الله عز وجل
ومن فضائل شهر رمضان أن الله خص أول ليلة من شهر رمضان بفضائل عديد حيث يُغل المَرَدة من الشياطين ، ويغفر في كل ليلة سبعين ألفاً ، فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم ، إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله عز وجل : أنظِروا هؤلاء حتى يصطلحوا .
وقد أجمع أهل العلم علي ضرورة الاستعداد بكل غال ونفيس لاستقبال شهر رمضان وحددوا لذلك أساليب عديدة لحسن استقبال هذا الشهر الكريم والحصول علي أعظم أجر .
وفي مقدمتها الدعاء حيث يجب أن يتضرع المسلم بأن يبلغه الله شهر رمضان وهو في صحة وعافية، حتى تنشط في عبادة الله تعالى، من صيام وقيام وذكر.لما روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبارك لنا في رمضان”. رواه أحمد وضعفه الألباني.
ثاني هذه الطرق لاستقبال رمضان تتمثل في الحمد والشكرعلى بلوغ رمضان إذ قال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة؛ أن يسجد شكرًا لله تعالى، أو يثني بما هو أهله.
وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة والعبادة، فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها.
استقبال رمضان بالفرج والسعادة من أهم الأشياء التي حث العلماء والفقهاء عموم المسلمين علي استقبال رمضان بها حيث ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: “جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم …”. أخرجه أحمد وقال الشيخ الألباني: صحيح.
وقد كان السلف الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.
لا يغيب عن واسائل استقبال رمضان حسن التخطيط لهذا الشهر حيث يجب علي المسلم ان يحسن الإعداد والتخطيط لرمضان كما يعد ويخطط للدنيا حيث يتطلب الشهر الكريم الاستعداد الجيد له باعتباره تخطيطا للاخرة عبر الإكثار من الطاعات والعبادات، فيضع المسلم له برنامجًا عمليًّا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان في طاعة الله تعالى إن شاء الله.
وعلي المسلم كذلك اغتنام أيام رمضان بكل السبل وعقد العزم الصادق على الاستفادة القصوي منه عبر عمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة، ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: "فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ" "محمد: 21"
سادس الأساليب لاستقبال رمضان العلم والفقه بأحكام هذا الشهر ، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان، فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه ليكون صومُهُ صحيحًا مقبولًا عند الله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" "النحل: 43".كذلك يجب استقبال شهر رمضان بالتوبة والإكثار منها
عبر العزم على ترك الآثام والسيئات، والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة، فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟الإكثار من التوبه فضله عظيم في رمضان كما قال الله تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" "لنور: 31".
ولا يغيب عن وسائل استقبال رمضان التهيئة النفسية والروحيةمن خلال القراءة والإطلاع على الكتب والرسائل، والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه، حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه، فقد كان النبي يهيئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر، فيقول في آخر يوم من شعبان: قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم.