أظهرت دراسة حديثة، أن مستخدمي الهواتف الذكية الذين يقضون الكثير من الوقت في اللعب، أو تصفح تطبيقات الوسائط الاجتماعية لديهم قدر أقل من ضبط النفس ويكونون أكثر اندفاعًا.

ووجد باحثون بجامعة برلين الحرة بألمانيا، رابطًا بين الاستخدام العالي للهواتف الذكية - لا سيما في الألعاب أو تطبيقات الوسائط الاجتماعية - والرغبة في الحصول على مكافآت مالية فورية.

مكافأة صغيرة

وقالوا إن الأشخاص الذين يفضلون الحصول على مكافأة صغيرة الآن بدلاً من شيء أكبر لاحقًا - وهي ظاهرة نفسية تُعرف باسم "خصم التأخير" - هم أكثر عرضة لخطر السلوكيات الأخرى التي تسبب الإدمان، مثل الإفراط في تناول الطعام والمقامرة والشرب.

وأوضح الباحثون: "تقدم نتائجنا دليلًا إضافيًا على أن استخدام الهاتف الذكي واتخاذ القرارات المندفعة يسيران جنبًا إلى جنب، وأن التعامل مع هذا الجهاز يحتاج إلى فحص نقدي من قبل الباحثين لتوجيه السلوك الحكيم".

وأشاروا إلى "أن الوجود الكلي للهواتف الذكية بين المراهقين والبالغين يثير تساؤلات حول الاستخدام المفرط وعوامل الشخصية التي ترتبط بزيادة التفاعل مع هذه الأجهزة"، وفق ما نقلت صحيفة "ديلي ميل".

ورجح بحث سابق، أن هناك أوجه تشابه بين سلوكيات الاستخدام المفرط للهواتف الذكية مثل تعاطي الكحول، والمقامرة القهرية، وتعاطي المخدرات.

اظهار أخبار متعلقة

مع ذلك، اعتمدت معظم التحقيقات حول الاستخدام المفرط للهواتف الذكية، وعوامل الشخصية المرتبطة بوقت أطول للشاشة على القياسات المبلغ عنها ذاتيًا.

وقام فريق البحث المكون من شخصين بتسجيل بيانات استخدام الهاتف من الأجهزة نفسها، من خلال توظيف 101 من مستخدمي "آي فون"، الذين وافقوا على السماح بجمع بيانات فعلية عن مقدار الوقت الذي يقضونه في كل تطبيق، كما هو منصوص عليه في ميزة "استخدام البطارية" لنظام (iOS).

وتُظهر هذه الميزة المدة التي تم استخدامها بنشاط على الشاشة ومدة تشغيلها في الخلفية دون أن يتعامل معها المستخدم، ولكنها لاتزال تستهلك عمر البطارية.

تم جمع بيانات استخدام الهاتف لآخر 10 أيام، أو لأولئك الذين لديهم هواتف بإصدارات أقدم من (iOS) في الأيام السبعة الماضية.

وتم تقييم الميل إلى تفضيل المكافآت الفورية الأصغر على المكافآت المتأخرة الأكبر، باستخدام استبيان الاختيار النقدي المكون من 27 عنصرًا.

في الاستبيان، يختار المشاركون بشكل متكرر بين مكافأة صغيرة متاحة على الفور أو مكافأة أكبر متاحة في المستقبل. وجميع المكافآت افتراضية وتتكون من صغيرة (على سبيل المثال 20 دولارًل) ومتوسطة (على سبيل المثال 52 دولارًا) ومبالغ مالية كبيرة (على سبيل المثال 105 دولارات).

وجد تحليل النتائج، أن المشاركين الذين لديهم وقت شاشة أكبر كانوا أكثر ميلًا إلى تفضيل المكافآت الأصغر والفورية على المكافآت الأكبر والمتأخرة.

تم ربط تفضيل المكافآت الفورية الأصغر بالاستخدام المكثف لنوعين محددين من التطبيقات - الألعاب والوسائط الاجتماعية. وأمضى المشاركون الذين أظهروا قدرًا أكبر من ضبط النفس أمضوا وقتًا أقل على هواتفهم.

لكن مستويات ما يُعرف باسم "مراعاة العواقب المستقبلية" (CFC) لم تظهر أي ارتباط بوقت الشاشة. ولا يبدو أن ضبط النفس ولا (CFC) يؤثران على العلاقة بين وقت الشاشة وتفضيل المكافآت الأصغر والفورية.

استخدام الهاتف الذكي واتخاذ القرار المتسرع

وفقًا للفريق، فإن النتائج التي توصلوا إليها تضيف إلى الأدلة المتزايدة على وجود صلة بين استخدام الهاتف الذكي واتخاذ القرار المتسرع، كما أنها تدعم التشابه بين استخدام الهاتف الذكي والسلوكيات السلبية الأخرى.

ويقول الفريق في ورقتهم المنشورة في المجلة العلمية (بلوس ون): "نظرًا للدور المتزايد باستمرار الذي تلعبه الهواتف الذكية في حياة الناس اليومية والمخاطر الضمنية للإفراط في الاستخدام، فمن الأهمية بمكان فهم الاختلافات الفردية المتعلقة باستخدام الهاتف الذكي".

وأضافوا: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنه يجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي واللاعبين بشكل خاص أن يكونوا على دراية بميلهم للانجذاب إلى مكافآت فورية أصغر".

وتابعوا: "بدلاً من ذلك، قد يستفيد الأشخاص الذين يدركون بالفعل اتخاذهم للقرار المتسرع من معرفة مخاطرهم المتزايدة من الإفراط في استخدام الهواتف الذكية".

وخلصوا إلى أنه "تساهم هذه الاستنتاجات في الرأي القائل بأنه لا ينبغي الاستهانة باستخدام الهواتف الذكية، ولكن يجب البحث عنها بعناية لتوجيه صانعي السياسات في تشكيل الاستخدام الحكيم لهذه التكنولوجيا المنتشرة في كل مكان".