اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط هو حالة سلوكية تتميز بعدم الانتباه وفرط النشاط والاندفاع، تظهر أعراضها عادةً في سن مبكرة، وقد تشمل التململ المستمر، والحركة أو الكلام المفرط، والتصرف دون تفكير، وضعف الإحساس بالخطر أو انعدامه تمامًا.
ومن غير الواضح ما هو السبب الدقيق لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن يُعتقد أنه ينطوي على طفرات جينية تؤثر على وظيفة الدماغ وبنيته - على الرغم من أن العديد من الخبراء ( والمعارضين ) ربطوا عنصر فرط النشاط في هذه الحالة بالنظام الغذائي.
وفي مقال كتبه لموقع "ذا كونفرزيشن"، تساءل البروفيسور الفخري ديفيد بينتون، من جامعة سوانسي، عن سبب عدم التركيز على الأطعمة التي تتواجد فيها المواد الكيميائية عادة، والتي تتكون في الغالب من أطعمة فائقة المعالجة.
وأوضح: "أن تناول كميات كبيرة من المواد المضافة يرتبط بتناول كميات كبيرة من الأطعمة شديدة المعالجة - وهي عادة نظام غذائي يحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون، بينما يحتوي على نسبة منخفضة من الألياف والبروتين والفيتامينات والمعادن".
وتساءل: "لذا، لماذا نفترض أن المواد المضافة هي المشكلة، وليس بقية النظام الغذائي؟".
الأطعمة فائقة المعالجة
والأطعمة فائقة المعالجة هي تلك التي يستخدم في تصنيعها الملونات والمحليات والمواد الحافظة التي تعمل على إطالة العمر الافتراضي، ومن ذلك الوجبات الجاهزة والآيس كريم وصلصة الطماطم.
وهي مختلفة عن الأطعمة المصنعة، التي يتم تعديلها لجعلها تدوم لفترة أطول أو لتعزيز مذاقها، مثل اللحوم المعالجة والجبن والخبز الطازج.
وكشفت دراسات عديدة عن وجود علاقة بين المشروبات الغازية والبسكويت والوجبات الجاهزة ومجموعة من المشاكل الصحية، من بينها أمراض القلب وحتى بعض أنواع السرطان.
وأضاف البروفيسور بينتون، أن الآباء من ذوي الدخل المنخفض يعتمدون في كثير من الأحيان على أدوات التغذية غير المكتملة لإطعام أسرهم بسبب قيود التكلفة، وربما لا يكون من قبيل المصادفة أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يتم تشخيصه في كثير من الأحيان لدى الأطفال من هذه الفئة السكانية.
وأشار إلى "أن تناول الأطعمة شديدة التصنيع - وبالتالي المواد المضافة - أكثر شيوعًا بين الأسر ذات الدخل المنخفض، والتي هي أيضًا معرضة لخطر أكبر للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".
وتابع: "إلى حد ما، قد يكون اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مؤشرًا على الفقر، واتباع نظام غذائي سيئ بشكل عام، مما يعكس الحاجة المالية لتناول أطعمة فائقة المعالجة بأسعار أرخص"، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
الأنظمة الغذائية النظيفة واضطراب فرط الحركة
مع ذلك، إذا كنت تعتقد أن تحويل طفلك إلى نظام غذائي يتكون من الحبوب الكاملة والمنتجات الطازجة والأساسيات الغذائية مثل الحليب والبيض سيساعد في تقليل نشاطه المفرط، فإن البروفيسور بينتون لا يتفق معك.
وأوضح أن الدراسات السابقة كشفت أن حتى الأنظمة الغذائية "النظيفة" لديها القدرة على التسبب في تغييرات في السلوك.
واستنادًا إلى دراسة أجريت عام 1985، حيث تم إطعام الأطفال قائمة طعام محدودة للغاية قبل إعادة تقديم بعض الأطعمة تدريجيًا لمعرفة ما قد يؤدي إلى رد فعل تحسسي، لم تكن الحلويات والمشروبات الغازية فقط هي التي دفعت الأطفال للقفز على الجدران.
قال البروفيسور بنسون: "لقد وجد أن طفلاً واحدًا على الأقل تفاعل سلبًا مع 48 نوعًا من الأطعمة المتضمنة في نظامه الغذائي مع ظهور علامات فرط النشاط. وبالنسبة لحليب الأبقار، كان هذا صحيحًا بالنسبة لـ 64 في المائة من الأطفال المشاركين في الدراسة".
وأضاف: "بالنسبة للعنب كانت النسبة 49 في المائة، وبيض الدجاج 29 في المائة، والأسماك 23 في المائة، والتفاح 13 في المائة، والشاي 10 في المائة. هذه ليست أطعمة فائقة المعالجة، ولكننا بحاجة إلى استكشاف ما إذا كانت تحتوي على مواد كيميائية تؤثر على بيولوجيا بعض الأفراد".
وأوضح أن نحو 80 في المائة منها "تفاعلت مع مادة حافظة وملونة، على الرغم من أن الجرعات المستخدمة كانت أكبر من تلك التي تستهلك عادة".
والأمر الحاسم هو أن "أي طفل لم يتفاعل فقط مع هذه الإضافات، وكان الأطفال المختلفون يتفاعلون مع أطعمة مختلفة، لذا فإن إزالة الإضافات وحدها لن تقضي على الأعراض".
معالجة النظام الغذائي الشامل للأطفال
واختتم البروفيسور بينتون، قائلاً: "من المحبط أن الأمر لا يتعلق بتقليل النشاط المفرط لدى الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل يجب على الآباء معالجة النظام الغذائي الشامل لأطفالهم، وليس فقط التركيز على تجنب أشياء معينة".
وتابع شارحًا: "بالنسبة للآباء الذين يشعرون بالقلق إزاء إصابة طفلهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فمن الجدير أن نتذكر أن الإضافات الغذائية من غير المرجح أن تكون السبب الوحيد".
واستدرك: "إذا بدا أن سلوك الطفل مرتبط بالنظام الغذائي، فإن الاحتفاظ بمذكرات طعام يمكن أن يساعد في تحديد الأنماط. ولكن يجب التعامل مع أي نظام غذائي إقصائي بحذر واستشارة الخبراء، لتجنب التسبب في ضرر أكثر من نفعه".
ومضى إلى القول: "في نهاية المطاف، كل طفل يختلف عن الآخر، وما يصلح مع طفل قد لا يصلح مع آخر".