في أحدث صيحات العلاج النفسي، لايتطلب الأمر منك سوى إعادة الاتصال بالمشاعر الإنسانية التي يمكن أن تضيع في ذروة مشاق الحياة اليومية: الرهبة.

ويحدث هذا عندما تتعرض لشيء جميل جدًا أو رائع لدرجة أنك تتأثر، ويتغير إحساسك بالعالم. قد يبدو الأمر غريبًا، لكن بعبارات بسيطة، هذا هو الشعور الذي تشعر به عندما تنظر إلى السماء المرصعة بالنجوم وتشعر فجأة بأنك صغير جدًا ولكن مملوء بالدهشة.

يقول الدكتور داشر كيلتنر، مؤلف كتاب "الرهبة: العلم الجديد للعجائب اليومية وكيف يمكن أن يغير حياتك": "من الصعب أن نتخيل شيئًا واحدًا أفضل للعقل والجسم من العثور على خمس دقائق من الرهبة".

وأضاف، وفقًا لصحيفة "ذا صن": "لقد بدأ الأشخاص المهتمون بالرفاهية في التفكير في فوائدها للعائلات والعمل والمنظمات والمدارس".

ما هي الرهبة؟

يقول الدكتور كيلتنر، أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "إن الرهبة هي العاطفة التي نشعر بها عندما نواجه أسرارًا هائلة لا نفهمها".

يقول الدكتور كيلتنر: "ترتبط الرهبة ارتباطًا وثيقًا بالتجارب التي تحدد هويتنا".

معززة للسعادة

تم العثور على العلاقة بين الرهبة والصحة العقلية، إذ يوضح الدكتور كيلتنر: "أن لحظات الرهبة القصيرة تؤدي إلى سعادة أكبر، وتوتر أقل، ومزيد من الإبداع، وتقليل الشعور بالوحدة، وإحساس أقوى بالمجتمع".

وتوصل باحثون في البرتغال إلى أن المشي لمدة 30 دقيقة في الحديقة يمكن أن يوقف التفكير الاجتراري - عندما تكون عالقًا في دائرة التفكير السلبي - نتيجة للشعور بالتأثر بالطبيعة.

شخص أفضل

هناك أدلة على أن الشعور بالرهبة يجعل الناس أكثر لطفًا وكرمًا، لأنه يشجعهم على التركيز بشكل أقل على أنفسهم والتطلع إلى الخارج بدلاً من ذلك.

على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات التي نشرتها الجمعية النفسية البريطانية أن الأشخاص الذين شاهدوا مقطع فيديو مذهل كانوا أكثر استعدادًا لمساعدة الآخرين - حتى لو لم يسجلوا درجات عالية في السمات الشخصية مثل الرحمة واللطف.

وهناك أيضًا أبحاث تظهر أنها تجعل الناس أكثر وعيًا بالبيئة. أظهرت دراسة أجرتها جامعة كورنيل أن الأطفال القادرين على اللعب في البرية قبل سن 11 عامًا يكبرون ويهتمون بالطبيعة والمناطق المحيطة بهم.

الراحة والهضم 

يمكن أن يكون للرهبة تأثير جسدي على الجسم، وأحد مظاهرها الأكثر وضوحًا هي موجة من القشعريرة.

لكن الرهبة يمكنها في الواقع تعمل على التهدئة أيضًا. وجد باحثون بجامعة ولاية أريزونا أن النظر إلى الصور المذهلة يزيد من نشاط الجهاز العصبي السمبتاوي، مما يجعلنا نشعر بمزيد من الاسترخاء.

ويقول الدكتور كيلتنر: "لقد وجدنا أن الرهبة يمكن أن تؤدي أيضًا إلى مستويات أعلى من الأوكسيتوسين - المعروف أيضًا باسم هرمون الحب في الجسم - بالإضافة إلى زيادة تنشيط العصب المبهم، مما يسهل صحة القلب بشكل كبير".

كيفية تحقيق أقصى استفادة منها يوميًا؟

من السهل أن تجد الروعة في العطلة، عندما تكون في موقع رائع أو تشاهد غروب الشمس، ولكن ماذا عن الحياة اليومية؟

يقول الدكتور كيلتنر: "يعتقد بعض الناس أن الرهبة أمر نادر ولا يمكن الشعور به إلا في الرحلات الفخمة. ولكن في الواقع، كل شيء حولنا".

ضع هاتفك جانبًا

من الممكن أن تجد الرهبة يوميًا، ولكن كما تقول المدربة التحويلية جيليان ماكمايكل، لكنك لن تجدها على هاتفك.

لذا تحذر قائلة : "توقفوا عن الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي أو أشكال التكنولوجيا التي تفصلنا عن الرهبة. الرهبة متاحة لنا جميعًا، وفي أي وقت. كل ما يتعين علينا القيام به هو أن نكون حاضرين ونصبح مراقبين متعاطفين لما يحدث داخلنا ومن حولنا".

التجول بين الطبيعة 

ليس من المستغرب أن تكون إحدى أسهل الطرق للشعور بالرهبة والعجب هي تقدير الطبيعة من حولك.

تقول جيليان: "اذهب للخارج ولاحظ أصوات الكون. هناك الكثير منها - سواء كان ذلك تدفق النهر، أو زقزقة الطيور أو هبوب الرياح - أحيانًا نفشل في ملاحظة ذلك".

وأضافت: "ليس عليك أن تكون في الريف أو شاطئ البحر للقيام بذلك أيضًا - ما عليك سوى النظر إلى الأعلى وإلقاء نظرة على السماء فوق رأسك".

قراءة السير الذاتية 

يمكن أن يكون البشر مصدرًا عظيمًا للرهبة. يقول الدكتور كيلتنر: "نحن مبرمجون على أن نستمد الإلهام من طيبات الآخرين، ومعظمهم من الناس العاديين".

ونصح قائلاً: " اقرأ عن حياة شخص ألهمتك شجاعته أو لطفه بسيرته الذاتية".

جرب لعبة الفراشة من تأليف يسرى مارديني، التي أنقذت زملائها اللاجئين من الغرق، قبل أن تصبح سباحة أولمبية

يمكن أن تكون المدونات الصوتية أيضًا مصدرًا للقصص الملهمة.

تذكر كم هي الحياة قصيرة

إذا سبق لك أن رأيت طفلًا يولد أو ودّعت شخصًا يموت، فربما شعرت بالرهبة.

يقول الدكتور كيلتنر: "توصلت الدراسات الجديدة إلى أن التأمل في دورة الحياة يؤدي إلى شعور الناس بإحساس أكبر بالإنسانية مع الآخرين".

كن وسط الناس

عندما تكون وسط حشد من الناس، فقد تشعر بالروعة عندما تكون على اتصال بالآخرين في الوقت الحالي.

يقول الدكتور كيلتنر: "هذا هو "الفوران الجماعي"، وهو تجربة التحرك في انسجام مع الآخرين. "على سبيل المثال، في الأحداث الرياضية أو المشي في مدينة مزدحمة".