توصلت دراسة حديثة إلى وجود علاقة بين الرغبة في التخلص من الحياة وجينات لدى بعض الأشخاص.

واكتشف الباحثون في الدراسة التي نشرت في دورية "جاما للطب النفسي"، أربعة اختلافات جينية أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين تخلصوا من حياتهم أو عانوا من تلك الأفكار. وتم ربط الجينات سابقًا بحالات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والفصام.

ويقول الباحثون، إنه في حين أن هذه الجينات ربما تزيد من خطر الأفكار المتعلقة بالرغبة بالتخلص من الحياة، فإنها لا "تحدد مسبقًا (معاناة) أي شخص لمشكلات" في المستقبل.

وفي عام 2020، انتحر 45 ألفًا و979 أمريكيًا، وكان قدامى المحاربين العسكريين الأكثر عرضة للخطر، حيث توفي منهم 6 آلاف و146 شخصًا في ذلك العام.

ويعد الانتحار هو ثاني سبب للوفاة بين الرجال الأمريكيين دون سن 45، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. كما زادت المعدلات بين النساء بنسبة 50 في المائة في السنوات الأخيرة.

أسباب الانتحار 

ويحذر الخبراء من أن زيادة مستويات التوتر وقضايا احترام الذات التي تسببها وسائل التواصل الاجتماعي قد تلعب دورًا. ومن المرجح أن تؤدي حالات مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والذهان إلى انتحار الشخص.

ونظر باحثون من جامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا في عينات الدم من قاعدة بيانات تضم 630 ألفًا من المحاربين القدامى. تم ترتيب العينات لبناء ملف جيني لكل مشارك، والتي تم مقارنتها بعد ذلك بسجلاتهم الطبية.

وتلعب الجينات دورًا في كل جانب من جوانب حياة الشخص، بدءًا من الطريقة التي ينظر بها إلى كيفية عمل الجسم وعمل الدماغ. وكل شخص لديه ما يزيد عن 20 ألف من الجينات المختلفة. يتلقى صفة واحدة من الأب، وواحدة من الأم، لتشكيلها في الرحم.

ويمكن أن تكون الآثار التي يمكن أن تحدثها الجينات المختلفة على دماغ الشخص والجهاز العصبي والوظيفة الجسدية العامة مسؤولة عن التغيرات الكبيرة في الصحة العقلية.

وكان هناك 121 ألفُا و211 حالة مسجلة لأفكار أو محاولات انتحارية بين المشاركين.

الجينات الأربع الأكثر تأثيرًا

ورصد الباحثون أربعة جينات كانت الأكثر انتشارًا في الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار - مستقبل هرمون الاستروجين ألفا (ESR1)، مستقبل الدوبامين D2 ( DRD2) ومسنقبلات نترين (DCC) المرتبط بمستقبلات TNF (TRAF3،) مما يعني أن هناك ارتباطًا وراثيًا في السلوك الانتحاري، إلى جانب حالات الصحة العقلية الأخرى.

ومستقبل هرمون الاستروجين (ESR1) تم ربطه سابقًا باضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب. وهي بروتينات في الخلية يتم تنشيطها بواسطة الإستروجين.

ولاحظ الباحثون أيضًا أن هرمون الاستروجين، وكيفية معالجة الذكور والإناث للهرمون بشكل مختلف، هو السبب الجذري وراء احتمال وفاة الرجال بالانتحار أكثر من النساء. وفي الولايات المتحدة، من المرجح أن يموت الرجال بالانتحار أربع مرات أكثر من النساء.

أما الجين الثاني (DRD2)، فهو أحد مستقبلات الدوبامين المرتبطة بمشاعر السرور والسعادة. وقد ارتبط سابقًا بالفصام واضطرابات المزاج واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وتعاطي المخدرات.

بينما ارتبط (DCC)، الذي يتم التعبير عنه في أنسجة المخ طوال العمر، بحالات نفسية متعددة وهو مرتفع في أدمغة الأشخاص الذين يموتون بالانتحار.

فيما يرتبط (TRAF3) بالسلوك المعادي للمجتمع، وتعاطي المخدرات، وADHD. يُعدِّل عقار الليثيوم - وهو نوع من الأدوية يُعرف باسم مُثبِّت الحالة المزاجية - التعبير عن (TRAF3) والعديد من الجينات الالتهابية الأخرى.

قال الدكتور ناثان كيمبريل، المؤلف الرئيسي المشارك للدراسة والبروفيسور المشارك في جامعة ديوك: "بينما تمثل الجينات قدرًا صغيرًا من المخاطر بالنسبة إلى العوامل الأخرى، فإننا بحاجة إلى فهم أفضل للمسارات البيولوجية التي تكمن وراء خطر الانخراط في سلوك الانتحار".

ولم يجد الباحثون أي صلة بين عرقيات أو أسلاف معينة تعرض الشخص لخطر الموت بالانتحار.