حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة لم تحظ بالاهتمام كما بعدها من قبل المتتبعين لسيرته، وكيف نشأ يتيمًا، ثم كيف عاش حياته شابًا، وهل كان مثل جميع الشباب أم كان مختلفًا، أما أبرز ما لا نعرفه عنه صلى الله عليه وسلم أنه شارك في إحدى الحروب قبل البعثة، فما هي هذه الحرب؟.
فقد شارك النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قبل بعثته في بعض أحداث مجتمعه وقومه وقضاياهم المهمة، مع رفضه وبعده التام عن كل معتقداتهم الوثنية وأخلاقهم الفاسدة وتصوراتهم الخاطئة، فاشترك صلى الله عليه وسلم معهم في حرب الفجار، وشاركهم بعدها بأربعة أشهر في حلف الفضول، وفي سن الخامسة والثلاثين ساهم وشارك معهم في بناء وتجديد الكعبة، ثم حكّمته قريش فيمن يضع الحجر الأسود مكانه، فقد كان صلى الله عليه وسلم محل أنظار مجتمعه، ومضرب المثل فيهم، حتى لقبوه بالصادق الأمين.
اظهار أخبار متعلقة
حرب الفجار
أما حرب الفجار التي قيل إن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، شارك فيها، فهي تلك الحرب التي وقعت ـ قبل البعثة النبوية ـ بين قريش ومن معها من كنانة من جهة، وقيس عيلان وأحلافها من جهة، وسميت بحرب الفجار لوقوعها في الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال.
وعنها، قال ابن كثير في البداية والنهاية: "وإنما سُمي يوم الفجار بما استحل فيه هذان الحيان كنانة وقيس عيلان من المحارم بينهم، وقيل لأن البراض قتل عروة في الشهر الحرام".. فيما قال ابن هشام في السيرة النبوية: "فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان ... وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم، حيث أخرجه أعمامه معهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت أُنبل على أعمامي . أي أرد عنهم نبل عدوهم إذا رموهم بها».
قدسية الأشهر الحرم
ويذكر المؤرخون أن حرب الفجار كانت بالنسبة لقريش دفاعًا عن قداسة الأشهر الحرم، ومكانة أرض الحرم، وقد نفى البعض مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حيث قال الدكتور أكرم العمري وغيره: "ولم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهدها".
وعلى قول من قال بمشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحرب قبل بعثته فقد كان دوره فيها كما روي عنه: (كنت أنبل على أعمامي) أي: أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها، حماية لهم ورحمة بهم، بموجب الرحم الواصلة، لا بموجب الحرب التي أحلت فيها الحرمات والأشهر الحرم.. فيما قال السهيلي: "ولم يقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أعمامه، وكان ينبل عليهم (يرد عنهم نبل عدوهم إذا رموهم بها).. لأنها كانت حرب فجار، وكانوا أيضًا كلهم كفارًا، ولم يأذن الله تعالى لمؤمن أن يقاتل إلا لتكون كلمة الله هي العليا".