اقترحت إدارة "الغذاء والدواء" الأمريكية، الحد من كمية النيكوتين في السجائر إلى الحد الأدنى من الإدمان، لكن كان هناك قلق من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم القلق لدى المدخنين الذين قد يعانون بالفعل من مشاكل المزاج.

غير أن دراسة جديدة نُشرت نتائجها مؤخرًا في دورية "بلوس وان" أظهرت أنه في حين أن السجائر التي تحتوي على النيكوتين بنسبة 5 في المائة من الجرعة العادية يمكن أن تساعد المدخنين القلقين أو المكتئبين على الإقلاع عن التدخين، فإنهم يفعلون ذلك دون زيادة مشاكل المزاج أو القلق التي دفعتهم إلى التدخين في المقام الأول.

وقال جوناثان فولدز، أستاذ علوم الصحة العامة والطب النفسي في كلية الطب بجامعة ولاية بنسلفانيا: "لا يبدو أن هناك أي عواقب مقلقة وغير مقصودة للاضطرار إلى التحول إلى السجائر منخفضة النيكوتين".


وأضاف "على العكس من ذلك، يبدو أن النتيجة هي أن المدخنين يشعرون بأنهم أقل إدمانًا لسجائرهم وأكثر قدرة على الإقلاع عن التدخين عندما يُعرض عليهم مساعدة قصيرة نسبيًا في مواعيد المتابعة بالإضافة إلى العلاج ببدائل النيكوتين".

لا علامات على الإفراط في التدخين

وأشار إلى أن المدخنين الذين يعانون من اضطرابات المزاج والقلق لم تظهر عليهم أي علامات تدل على "الإفراط في التدخين" للسجائر التي تحتوي على نسبة منخفضة من النيكوتين، ولم تكن هناك أي علامة على أن التحول إليها أدى إلى تدهور صحتهم العقلية.

واقترحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الحد من كمية النيكوتين في السجائر إلى الحد الأدنى من الإدمان. وقال فولدز إن القيام بذلك لا يقلل الإدمان فحسب، بل يقلل أيضًا من التعرض للمواد السامة ويزيد من احتمالات الإقلاع عن التدخين.

في عام 2019، أجازت إدارة الغذاء والدواء سيجارتين تحتويان على نسبة منخفضة من النيكوتين هما: "مون لايت" و"مون لايت مينثول. قال فولدز إن هذه العلامات التجارية في اختبار السوق وليست متاحة بشكل عام.

وأضاف "سيكون من المناسب لحماية الصحة العامة المضي قدمًا في تنفيذ مثل هذه اللائحة في أسرع وقت ممكن. لقد مر الآن أكثر من 50 عامًا منذ أن أصبح من الواضح أن السجائر قاتلة ومسببة للإدمان عند استخدامها على النحو المنشود. لقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات لتقليل الجزء الذي يسبب الإدمان من السجائر".

وكرر الرأي نفسه الدكتور باناجيس جالياتساتوس، أستاذ الطب المساعد بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، والمتحدث الطبي المتطوع باسم جمعية الرئة الأمريكية.

اقرأ أيضا:

دراسة: الإجهاد المزمن يسرع انتشار سرطان القولون بشكل كبير

خفض كمية النيكوتين في السجائر

قال جالياتساتوس، الذي كان جزءًا من الدراسة: "إن خفض كمية النيكوتين في السجائر كان أسلوبًا للصحة العامة سعينا جاهدين من أجله على مدى العقدين الماضيين. النيكوتين هو السبب وراء استمرار الناس في العودة إلى السجائر، ومعرفة أن السموم موجودة هنا، ومعرفة أن هذه المواد المسرطنة موجودة، وليس لأنهم يريدون خلق مواقف صحية مزرية لأنفسهم".

في الدراسة، درس الباحثون 188 مدخنًا يعانون من اضطرابات المزاج أو القلق ولا يريدون الإقلاع عن التدخين. تم تكليفهم بشكل عشوائي بتدخين السجائر بالكمية المعتادة من النيكوتين، أو تلك التي تحتوي على محتوى من النيكوتين تم تقليله على مراحل على مدار 18 أسبوعًا.

في ذلك الوقت، لم يجد الباحثون فروقًا ذات دلالة إحصائية في الصحة العقلية بين المجموعتين. وأولئك الذين أعطوا سجائر منخفضة النيكوتين كانوا أكثر عرضة للإقلاع عن التدخين من أولئك الذين احتوت تناولوا سجائر ذات كميات طبيعية من النيكوتين – 18 في المائة مقابل 4 في المائة.

قالت الدكتورة باميلا لينج، مديرة مركز أبحاث وتعليم مكافحة التبغ في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، التي راجعت النتائج، إن الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية عقلية يموتون في وقت أبكر من عامة السكان، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب أمراض مرتبطة بالتدخين.

أضافت لينج، أن الوقت قد حان لجعل السجائر منخفضة النيكوتين هي الدخان الوحيد المتاح.

وتابع: "يجب أن تهدئ هذه الدراسة المخاوف من أن تقليل تدخين النيكوتين قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية. حان الوقت لإدارة الغذاء والدواء لاتخاذ إجراءات لتقليل النيكوتين في السجائر إلى الحد الأدنى من المستويات. تشير هذه الدراسة إلى أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين ، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من حالات صحية عقلية".

في نهاية المطاف، قال جالياتساتوس، إن "السياسة، وليس المخاوف الصحية، هي التي ستقرر ما إذا كانت السجائر منخفضة النيكوتين ستحل محل سجائر اليوم".

أضاف: "لو كانت هذه معركة ببساطة على البروكلي لكنا فزنا. ليس الأمر كذلك. إنه يدر الكثير من المال لكثير من الأفراد. ولكن من وجهة نظر الطبيب، نحتاج إلى اغتنام هذه الفرص لتنفيذ الإرشادات السريرية المناسبة لجعل هؤلاء المرضى غير مدخنين".