أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الإسلام أوجب الحفاظ على البيئة، ودعا إلى الاستثمار في استدامة مواردها، وحرم قطع الأشجار والنباتات أو إغراقها بالماء بهدف تخريبها، محذرًا فضيلته من أن ما نشهده اليوم من فسادٍ وإفسادٍ في الأرض، وطغيان على موارد البيئة المستخلف فيها الإنسان لتعميرها، هو سير في اتجاه معاكس لإرادة الله في كونه الفسيح.
وأوضح فضيلته أن المتابع للميزانيات الهائلة المطلوبة لتجاوز أزمة المناخ، خاصةً في ظل ما درجت عليه الدول الصناعية الكبرى من قبض ذات اليد عن التمويل الواجب أخلاقيًّا وإنسانيًّا.. يصاب برعب شديد، مضيفًا أنه على علماء الأديان ورجالها، حيال هذه الأوضاع هو أن نبلغ صرختنا إلى أولي الأمر، وأولي الثراء الفاحش أن يفكروا -ولو قليلًا- في مصيرهم هم قبل غيرهم، وأن ينفروا خفافًا وثقالًا للتصدي لهذه الكارثة، ولا علينا إن استجابوا أو جعلوا أصابعهم في آذانهم، فمنهجنا نحن الممثلين للأديان السماوية هو منهج من قيل له من فوق سبع سماوات: {إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ}.
ويعقد اجتماع حكماء المسلمين تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، بمسجد قصر الصخير الملكي بالعاصمة البحرينية المنامة، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عقب ختام فعاليات ملتقى البحرين للحوار بعنوان "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" الذي عقد على مدار يومي الخميس والجمعة 3 و 4 نوفمبر، بحضور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، ومشاركة رموز الأديان والمفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم.
من ناحية أخري رحَّب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بقداسة البابا فرنسيس، وكبار رجال الكنيسة الكاثوليكية وعلمائها في عالمنا العربي، معربًا عن سعادته بالشراكة التي تجمع الكنيسة الكاثوليكية بمجلس حكماء المسلمين في مسيرة الأخوة الإنسانية التي انطلقت في مصر، مرورًا بدولة الإمارات العربية المتحدة، واليوم في مملكة البحرين الشقيقة.
وأكَّد شيخ الأزهر خلال كلمته في اجتماع مجلس حكماء المسلمين وكبار رجال الكنيسة الكاثوليكية تحت عنوان "الحوار بين الأديان وتحديات القرن ال ٢١"؛ التي عُقِدَت بساحة مسجد قصر الصخير بمملكة البحرين، أن هذا اللقاء هو محطة مضيئة في مسار حوار الأديان، الذي بدأه الأزهر والفاتيكان، وأثمر -ولا يزال يثمر- وعيًا جماعيًّا متناميًا بالتحديات التي تواجهنا، ويزرع الأمل في ولادة صحوة جديدة يستيقظ فيها الضمير العالمي ليقوم بدوره في مجابهة التحديات.
وأوضح فضيلته، أنَّ أزمة عالمنا المعاصر هي -في المقام الأول- «أزمة أخلاق» و«أزمة إلحاد»، وأن معظم الشرور التي يعانيها إنسان اليوم هي انبعاثات حتمية لهذه الأزمة الأم؛ التي دهمت الإنسان، وأطبقت على فكره وسلوكه.
وأضاف فضيلته أنَّه لم يكن غريبًا أن نرى ظواهر هذا الانحراف في الواقع الأخلاقي والسلوكي في المجتمعات المفتوحة أولًا، ثم في الدعوات التي تحاول اليوم فرض هذا الانفلات المتمثل في نشر ظاهرة الشذوذ والجنس الثالث على مجتمعات محافظة يشكل الدين والأخلاق مكونًا رئيسًا وأساسًا في بناء حضارتها وثقافتها وتقاليدها، وكل ذلك يروج تحت لافتة «الحرية» و«حقوق الإنسان»، وفلسفة «الحداثة» و«التنوير».
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟ وبيَّن الإمام الطيب أن هذه الانحرافات الأخلاقية التي يحاول البعض فرضها، ما هي إلا حرية الفوضى والتدمير الخلقي، وهدم البناء الداخلي للإنسان، مشيرًا إلى أن ما يعانيه إنسان اليوم من آلام وما يواجهه من تحديات، ما هي إلا نتاج لما اقترفته يد الإنسان، وإقصائه للقيم الدينية والمبادئ الأخلاقية، وأن أزمة تغير المناخ هي أيضا من صنع الإنسان المنخلع وهي أثر من آثار «الأنانية» واقتصاد السوق والفلسفة الرأسمالية وخطابها الذي يقول: "اربح أكبر قدر ممــكن حتى لو بعت كل شيء