الشائع بين الناس أن مسئولية إصلاح الأبناء تقع على عاتق الآباء لاشك في ذلك، أيضًا الشائع أن حرص الآباء على إصلاح أولادهم يكفي وحده بإصلاحهم، ووضعهم على الطريق الصحيح.. كما يتصور البعض أن التنشئة السليمة في السن الصغير يضمن الاستقامة المطلقة في السن الأكبر..
كما يتصور البعض أن أي أب وأم صالحين .. لابد أن تكون النتيجة أبناء أيضًا صالحين، وأنه دام أبوهما صالحين.. إذن لابد أن يرسل الله لهما مساندة سيدنا الخضر عليه السلام!
أي أب في الدنيا يتصور أنه من الضرورة أن يكون أبناءه صالحين لا محالة، ويظل يسأل الله عز وجل حول ذلك سنوات وسنوات، ويشغل نفسه طوال الوقت بهذا الأمر.. وأنه مهما تغير الابن، فإن النبتة الطيبة لابد أن تظهر وقت الحاجة، ويعود المعدن الأصيل لطبيعته يومًا ما.
التربية السلمية
مع التجارب والأمثلة الكثيرة المغايرة لكل ما سبق.. تذكرنا بـ(المقصد والمآل ) من كل عملية التربية والحرص على إصلاح الولد، وربما كان الهدف هو الإسلام نفسه بل و المقصد من بعث الرسل.. وهو البلاغ والتنبيه والبيان وبذل الغالي والنفيس حيال هذا الأمر..
فمثلما يتصور الناس أن إصلاح الأبناء ضرورة واجبة على الآباء، فإنهم يتناسون (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ)، و(لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)، و(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)، و(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، و(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، و(أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، و(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)، و(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)، و(يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)، و(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ)، وأيضًا قول النبي الأكرم صلى الله لابنته فاطمة رضي الله عنها: «يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا».
اقرأ أيضا:
مختلفة مع زوجي حول ضرب أولادنا لتربيتهم.. ما الحل؟رضا الله
إذن النتيجة من التربية، لابد أن تكون رضا الله عز وجل، هل أنت كل غرضك من تربية أبنائك، رضا الله أم لا؟.. فكما تدارك نبي الله نوح عليه السلام نداءه الذي فسره البعض بأنه (عتاب) على غرق ابنه، وعاد وقال: «رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ».
عليك أيضًا عزيزي المسلم أن تتدارك أي لوم بداخلك قد يكون وقع في محاولاتك تربية ابنك، وإنما ليكن كل سعيك هو رضا الله، حينها فقط ستجد الراحة والسكينة في قلبك، وصلاح التربية على ابنك لاشك.