"ناقصات عقل ودين"، عبارة لطالما قالها الكثير من الرجال عن النساء، دون التفكير في مراميها ومعناها، أو حتى سياق الحديث، على الرغم من أنه لو قرأ الحديث جيدًا ما قالها مجددًا، ولفهم معناها بالشكل الذي يجعله يخجل من أن يرددها بمعناها الشائع، وهي أن المرأة (ناقصة من حيث العقل والدين)، وربط ذلك بما يسمى بـ"النكد الزوجي" وخلافه من الأمور التي بات العديد من الرجال يربطونها بالنساء كرهًا، رغم أنها بعيدة عن ذلك تمامًا.
في الحديث الشريف يقول النبي الأكرم صلى الله عليهوسلم : «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن فقيل: يا رسول الله، ما نقصان عقلها؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل؟ قيل: يا رسول الله، ما نقصان دينها؟ قال: أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم».
عاطفة القلب
وفي تفسير الحديث النبوي السابق، يرى العلماء أن ناقصات عقل تعني أن المرأة تحكم بقلبها دون العقل في غالب الأحيان، وهذا ليس معناه "الجنون"، ولكن بمعنى الرحمة، وأحيانًا عديدة يسبق العدل الرحمة، لتوضيح الحقيقة، فالمرأة عاطفية بطبعها ولديها من الحنية ما لم يكن عند أكثر الرجال.. أما الرجل فغالبا يُقدم العقل على العاطفة في غالب أموره، وهو عكس المرأة التي تقدم العاطفة على العقل...
أما ناقصات دين فهي ليست منافقة كما يظن البعض، وإنما نقصان الدين هو تلك الرخصة التي رخصها الله للمرأة في فترة الحيض كونها تتوقف عن الصوم والصلاة، وهو المبين في الحديث النبوي الشريف، إذ يبين عليه الصلاة والسلام أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى، وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى، فتزيد في الشهادة أو تنقصها، كما قال سبحانه: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى» (البقرة : 282).
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامالحيض والنفاس
بالتأكيد الرجل لا يتعرض لفترة الحيض كالمرأة، ومن ثمّ لا يدري حجم المعاناة التي تعيشها المرأة في هذه الفترة، مما يؤثر على نفسيتها ووقتها وحماسها، وبالتالي فإن نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس تترك الصلاة والصوم، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله ، هو الذي شرعه رفقًا بها وتيسيرًا عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس والقضاء بعد ذلك.
وأما الصلاة فإنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لها ترك الصلاة، وهكذا في النفاس، ثم شرع لها أنها لا تقضي، لأن في القضاء مشقة كبيرة؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، والحيض قد تكثر أيامه، فتبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام أو أكثر، والنفاس قد يبلغ أربعين يومًا، فكان من رحمة الله لها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداءً وقضاءً، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء، ونقص دينها في كل شيء.