كثيرة هي العادات التي تربينا عليها، وإن كان ليس لها أي أصل في الإسلام، ومن ثمّ يجب التنويه عنها، للبعد عنها، خوفًا من الوقوع في ذنب عظيم، ونحن لا ندري، ومن هذه العادات: ( فتح المقص ليلاً يسبب المشاكل.. وقص الأظافر ليلاً يجلب الضرر.. والخياطة ليلاً تجلب المشاكل.. ودخول الحائض على المرضعة يمنع اللبن.. ودخول الحالق على المرضعة يمنع اللبن ويضر الطفل.. وترك (الشبشب) مقلوب حرام.. والحنة للعروسين قبل الدخلة تطرد الشياطين.
وأيضًا مما يدخل في تلك الأشياء التي لا أصل لها في الإسلام: الأكل على جنابة يورث الفقر.. والملح يمنع السحر.. وإلقاء الضرس المخلوع للشمس.. ورفة العين يأتي بعدها مصيبة.. وتعليق الخرزة الزرقاء تمنع الحسد.. وفضلات العصفور بُشرة خير، ودليل على الكسوة والهدية.. والكحة المفاجأة، دليل أن أحدهم يغتابك.. وصوت الغراب دليل على النحس والشؤم.. وسكب القهوة خير.. ولو ضحكت وقلبك اضطرب فجأة دليل على مصيبة ستقع.. وهذه كلها أمور ليس لها علاقة بالمنطق والشرع تمامًا.
خرافات لا أصل لها
الكثير من مثل هذه الخرافات التي لا أصل لها، قد تؤخر نهضة أمة بكاملها، لذلك فقد حاربها الإسلام أيما حرب، فقد روى البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تتحدث عن يوم مات فيه ولد النبي صلى الله عليه وسلم "إبراهيم" فتقول: خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (فصلى) ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال (هما من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة)، انظر إلى عظيم ما فعله خير البشر صلى الله عليه وسلم، لم يرض بوصف خسوف الشمس بأنه كناية عن موت ولده، رغم أن من مات هو أقرب الناس إلى قلبه، وكان يحبه حبًا جما، لكن عالج الأمر سريعًا، حتى لا تصير خرافة يتعاهدها الناس من بعده.
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامإفساد الناس
إذن مثل هذه الخرافات لا تأتي إلا لإفساد الناس، ومن ثمّ وجب التنبيه عنها، والبعد عن طرقها ومسالكها، ويروي الطبراني وغيره من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد رجل حلقة من صفر (حديد) فقال: "ما هذه؟"، قال: "من الواهنة"، قال: "أما إنها لا تزيدك إلا وهنا، وإنك لو مت وأنت ترى أنها تنفعك لمت على غير الفطرة"، حديدة يظن أنها تدفع عنه الضر أو تجلب له النفع فكان الرد من الوحي في إبطال تلك الخرافة (أما إنها لا تزيدك إلا وهنا).
إذن ليعلم الجميع أن الإسلام جاء ليحررك أيها الإنسان من قيود العبودية لغير الله، وليحررك من سطوة الخرافة ومن مهازل الأسطورة ومن ضبابية الأوهام والأحلام، وليحررك من قيود عادات الآباء والأجداد كما قال جل في علاه « وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ » (الزخرف: 23).