هل من الممكن أن يكون هناك ارتباط بين الحالة النفسية للشخص والألم الذي يعاني منه؟ هذا ما يعتقده الدكتور ديباك رافيندران، رئيس قسم طب الألم في مستشفى رويال بيركشاير في ريدينج ببريطانيا، الذي يمتلك خبرة تمدت لأكثر من 20 عامًا في إدارة الآلام الحادة والمزمنة.

فقد توصل إلى ما يعتقد أنه رابط مقنع بين الحالة العقلية للفرد وشدة الألم الذي يعاني منه. وأوضح: "في آخر 15 إلى 20 عامًا، ظهر فهم حول علم الأعصاب ودراسة الدماغ والحبل الشوكي باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي المتقدمة التي تقدم في الواقع دليلًا علميًا على أن العقل والجسم واحد".

وأضاف وفقًا لصحيفة "ديلي ميل": " "في حالات معينة مثل الألم المزمن، يثبت البحث في الواقع أن تقنيات الجسم العقلي يمكن أن تكون فعالة مقارنة بالتقنيات التقليدية مثل الأدوية والجراحة"، وعلى الرغم من أنها قد لا تعالج هذه الممارسات العقلية الفرد بالكامل من الألم ولكنها بالتأكيد يمكن أن تساعد. في بعض الحالات أكثر فعالية من التدخلات الطبية التقليدية".

وتابع: "نحن الآن نفهم ظاهرة اللدونة العصبية وهي قدرة الدماغ والأعصاب على أن تكون بلاستيكية وتعيد أسلاك نفسها بطريقة يمكنها التغلب على الألم. إلى جانب ذلك، ندرك دور ومساهمة نمط الحياة والشخصية التي تحركها الجينات، وقد تتحد بالفعل مع العوامل البيئية التي يمكن أن تحفز جينًا معينًا بطرق غير مرغوب فيها".

وكشف الدكتور رافيندران في كتابه "ذي برين – فري ماينديست" عن خمسة نصائح عملية يوصي بتطبيقها عند محاولة السيطرة على الألم والتخفيف من حدته على النحو التالي:

قم بتنشيط "نظام الأمان الداخلي" الخاص بك من خلال "التنفس 3-4-5" 

يعد التنفس أحد أكثر الطرق الموثوقة، والتي يمكن التحكم فيها بسهولة لتفعيل نظام الأمان (الجهاز السمبتاوي). عندما نتمكن من التنفس لفترة أطول مما نتنفسه، فيمكنه تنشيط نظام الأمان بشكل أكثر توقعًا وتزويد الدماغ بالطمأنينة بأن كل شيء آمن.

طريقة بسيطة لدمج تقنية التنفس، هي طريقة 3-4-5 حيث يمكنك التنفس لمدة ثلاث ثوانٍ، وحبس النفس لمدة أربع ثوانٍ، ثم الزفير لمدة خمس ثوانٍ، والتدرب على هذا لمدة دقيقتين إلى خمس دقائق يساعد على أخذ ما بين 10 إلى 20 نفسًا، ووهو ما يمكن أن يساعد في كثير من الأحيان في تهدئة الجهاز العصبي بشكل كبير.

وهناك أسلوب آخر يسهل البدء به، وهو أسلوب 5-5-5 الذي يتطلب 5 ثوانٍ من التنفس، وخمس ثوانٍ للانتظار، ثم خمس ثوانٍ من الزفير.

اقرأ أيضا:

شرب القهوة يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب

ركز على كلمة أو عبارة أو شيء 

تتمثل إحدى الأساليب لمحاولة الاسترخاء في التركيز على كلمة أو مرحلة أو شيء - وهو رد كتب عنه طبيب القلب في هوارد وأستاذ الجسم العقلي، هربرت بنسون.

ويهدف هذا إلى تحقيق حالة من التدفق أو الوعي المركّز بأنفسنا باستخدام كلمة أو عبارة أو فعل متكرر، بما يسمح لأعصاب دماغنا بالانتقال من ما يسمى بالشبكة الافتراضية إلى مجموعة مختلفة من الدوائر العصبية تسمى دوائر التدفق.

ويمكن أن يساعد ذلك في استرخاء الجهاز العصبي وبالتالي تقليل الألم الجسدي.

جرب اليوجا أو التاي تشي 

أصبحت كل من اليوجا و"التاي تشي"، المعروفة أيضًا باسم تقنيات العقل والجسم، منتشرة بشكل متزايد حاليًا، وهو اتجاه أصبح سائدًا بين أطباء المستشفيات ببريطانيا الذين يوصون به لمختلف الحالات والفئات العمرية المختلفة.

هناك أيضًا دراسات تشير إلى أن اليوجا والتاي تشي يمكن أن تفيد وتسبب تخفيف الآلام. ويتبنى كلاهما مفهوم أن الألم يمكن أن يكون موجودًا في كل من العقل والجسم ويخفف منه إيقاع الحركات البطيئة.

ويمكن أن تساعد اليوجا والتاي تشي في التحكم في التنفس، وكذلك شد العضلات غير المكيفة وتحسينها. وهناك العديد من مقاطع الفيديو والتطبيقات التي يمكن أن تساعدك في تطبيق كلا النوعين من التمارين.

اقرأ أيضا:

الشيء الوحيد الذي يجب عليك تجنبه إذا كنت تعاني من الاكتئاب!

اليقظة 

حاول أن تتبنى موقفًا تعاطفيًا سلبيًا تجاه أفكارك، لأن هذا هو جوهر مفهوم الحد من التوتر القائم على الانتباه، في ظل وجود دليل علمي يشير إلى أنه عندما يكون الناس في حالة جيدة من التأمل واليقظة، فإن هناك تغيرات إيجابية في أعصابهم.

ولا يجب أن تكون هذه الممارسة قائمة فقط على اليقظة التأمل فقط. إذ يمكن أن يكون أي نشاط بدني يشعر به المرضى بالأمان ويحبون القيام به - سواء كان الأكل أو الجري أو الركض أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية.

قم بتدوين أفكارك الإيجابية

كن انتقائيًا في اللغة التي تستخدمها حتى عند التفكير. أظهرت الأدلة أن نوع اللغة التي نستخدمها يمكن أن يكون قويًا جدًا في تشكيل أفكارنا، وبالتالي سلوكياتنا وأفعالنا، وهذا مهم لأن اللغة التي نستخدمها والقصص التي نقولها يمكن أن تسبب أفكارًا وأفعالًا غير آمنة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تنشيط جهاز المناعة لدينا.

ويمكن أن يؤدي تنشيط الجهاز المناعي إلى إطلاق مواد كيميائية يمكن أن تسبب في تنشيط دوائر الألم المزمن في العديد من أجزاء الدماغ المختلفة.

قم بتدوين أفكارك الإيجابية في بداية اليوم مع تدوين بعض النقاط التي تشعر بالامتنان لها، الأمر الذي يمكن أن يغير طريقة تفكيرك ويقلل من الألم.

في نهاية المطاف، يتم استخدام العديد من تقنيات الجسم العقلي لتخفيف الألم وجميعها الآن تستفيد من مبدأ المرونة العصبية. يظهر النجاح المتزايد لهذه التقنيات أنها يمكن أن تكون استراتيجيات طويلة الأجل آمنة ومستدامة للتغلب على الألم وفي بعض الحالات تصبح خالية من الألم.