هل مسحت (لقمة عيش من التراب يومًا وأكلتها)؟، في أغلب الأحوال لم تفعل، لكن هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعل هذا الأمر بكل تواضع.

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاة فقال «يا عائشة أحسني جوار نعم الله عليك فإنها قل إن نفرت عن قوم فكادت ترجع إليهم»، فهل نحن نُحسن جوار النعم بالفعل؟.. أما أننا نلقي بالكثير من الطعام في (الزبالة)، وننسى أن هناك محتاجون كثُر في أشد الحاجة إليها؟.. ومما ينبغي أن يُعرف أن الاعتراف بالنعم ومن أنعم بها وشكره سبب لبقائها وزيادتها كما قال بعض العلماء: «قيدوا النعم بالشكر فإنها كالنعم لها أوابد» ، أي تشرد وتنفر كما في الصحيحين من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش»، وقد قال تعالى : « فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ» (البقرة 152).

لا تعب الطعام

فإياك أن تعيب طعامًا ما في يوم، فما عَابَ النبي الأكرم صلى اللهُ عليه وسلم طعامًا قط، (إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وإلَّا تَرَكَهُ)، فالطعام والشراب من رزق الله تعالى الذي مَنَّ به علينا، فإذا عاب المرء ما كرهه من الطعام، فإنه قد يرد على الله سبحانه رزقه، وقد يكره بعض الناس من الطعام ما لا يكرهه غيره، ونِعم الله تعالى لا تعاب، وإنما يجب الشكر عليها، والحمد لله لأجلها، لأنه لا يجب لنا عليه شيء منها، بل هو متفضل في إعطائه، عادل في منعه.

ولأجل ذلك كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لا يعيب طعامًا أبدًا، وإنما كان يأكله إذا اشتهاه وأراده، فإذا لم يحبه تركه ولم يعبه؛ تأدبًا مع الله تعالى في عدم إبداء الكراهة لرزقه، وهذا من حُسن رعاية النعم، حتى لا تزول من العبد، كما أنه يدل على حُسن الخلق.

اقرأ أيضا:

الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلام

الحلال الطيب

الله عز وجل، يدعونا لأن نأكل من الحلال الطيب، وألا نتعرض لأكل الحرام مهما كانت الظروف، قال تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ » (البقرة: 168)، وذلك لأن الشيطان أحرص ما يكون على أن تُقذف اللقمة الحرام في بطن الإنسان، فهذا يُسهل عليه أن يذهب به حيث يشاء.

ولهذا روي عن بعض أهل العلم أن الشيطان يقول: (خَصلة من ابن آدم أُريدها، ثم أُخلِي بينه وبين ما يريد من العبادة، أجعل كَسْبَه من غير حلٍّ، إن تزوَّج تزوَّج من حرام، وإن أفطر أفطر على حرام، وإن حج حجَّ من حرام)، قال تعالى يبين ذلك: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » (البقرة: 172).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾».