تلخص أحد الأغاني الشهير للشاعر صلاح جاهين حال المصريين مع السؤال عن هوية مكان ما لا يعرفه أحدهم، فحين يسأل أحدهم (منين يروحو المتولي)، يأتي الرد مستفيضًا تمامًا حتى لا يتوه هذا الرجل عن المكان الذي ينشده، (تمشي كده على طول على طول لحد ما تلاقي عمارة.. تكسر يمين تلقى بتاع فول دكانته على ناصية حارة.. تدخل يمينك وشمالك شارعين وفي التالت تكسر).
أو حين يسأل أحدهم (لو سمحت، متعرفش المكان الفلاني فين؟)، فتكون الإجابة: (نعم.. امشي على طول و بعدين يمين في شمال هتلاقيه قدامك إن شاء الله)، فهذا الموقف لاشك يمر علينا يوميًا تقريبًا، أنك تسأل أحدهم، أو أحدهم يسألك عن مكان ما (محل، أو شارع، أو منزل، أو طريق مُعين)، وتخيل أن هذا الموقف الصغير يُكتب لك فيه "عتق رقبة"!.
أجر عظيم
مجرد سؤال يومي اعتيادي يمر على كثير من الناس، إلا أنه عند الله له أجر عظيم، فعن طلحة بن مصرف قال سمعت عبد الرحمن بن عوسجة يقول سمعت البراء بن عازب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من منح منيحة لبن أو ورق أو هدى زقاقا كان له مثل عتق رقبة»، وهدى زقاقا هنا يعني أرشد ضالا إلى طريق، وما ذلك إلا لأن الإسلام دين الإحسان إلى الناس، ولقد كان للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أتم نصيب في الإحسان إلى الناس عمليًا وقضاء حوائجهم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من نفَّس عن مؤمن كربة من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، ذلك أن توهان المغترب حيرة كبيرة، وهديه إلى ما يريد إنما هي من مبادئ الإسلام العظيمة، لذلك فإن الأجر عليها أيضًا عظيم.
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامحق الطريق
ومساعدة الناس في هديهم لما يريدون إنما يأتي ضمن حق الطريق، وضمن حق مساعدة الغير، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر»، وكذلك ترغيبه صلى الله عليه وسلم في السعي في حاجات الناس.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة».