عزيزي المسلم، إياك أن تشغل نفسك بعيوبك طوال الوقت، أو تظل طوال الوقت كأنك تقيم نفسك وتصرفاتك، ثم توهم نفسك بأن هذه هي النفس اللوامة، والحقيقة غير ذلك تمامًا، إذ أن النفس اللوامة هي التي تعرف كيف تفرق بين الصواب والخطأ، فتتمسك بالصائب وتبتعد عن الخطأ، ولا تشغل بالها بأي وسوسة أخرى من نوعية (هل يغفر الله لي أم لا)، لأن هذه النفس تثق تمامًا في أن رحمات الله أكبر وأوسع بكثير من أي ذنب مهما كان.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: قال الله تبارك وتعالى في حديثه القدسي: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة».
لسنا منزهين عن العيوب
لسنا منزهين عن العيوب، ولكن علينا أن ننقي قلوبنا، وألا ننشغل إلا بالله عز وجل، مع اليقين أنه سبحانه رؤوف رحيم، ومن ثمّ فإن انشغالك بالله سيحدث لك إحلال وتبديل تلقائي لطباعك وسلوكك وأخطاءك .. لذا داوم على أن يكون لذكرك وفكرك دائمًا مع الله .. ذلك أنهم الطريق لعلاج كل شيء، كما أن الإحلال والتبديل طوال الوقت ليس هما (التغيير المفاجئ) ، وإنما ستدرك أن التغيير يأتي مع الوقت، بعد أن تحب طريق التوبة والعودة إلى الله، وبعد أن يتقبلك الله في عباده التائبين، فحينها سيتدخل بعظمته سبحانه ويضعك على الطريق الصحيح.. طريق لا عوج فيه ولا أخطاء.
وعليك أن تستحضر قلبك وأن تحرص على الدعاء دومًا، ومن ثمّ فإن من أعظم شروط الدعاء حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه الترمذي : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةإصلاح النفس
عزيزي المسلم، بدلاً من أن تضيع الوقت في الانشغال بعيوبك، عليك أن تنشغل بإصلاح النفس، لأن الشيطان قد يدخل إليك من باب صعوبة تغيير هذه التغيير، لكنه قد ييأس أمام إصرارك على إصلاح نفسك، واعلم أن النفس الأمارة بالسوء إنما كانت كذلك لاستجابتها لوسوسة الشيطان، قال تعالى: «إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ»، ذلك أن ألد أعداء الإنسان هما الشيطان ونفسه التي بين جنبيه.
قال الله تعالى: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا» (فاطر:6)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ» (يس:60).