لم يترك الإسلام فرصة للاعتناء بالأم ورعايتها الا واستغلها لتكريس الصورة الكريمة لها وضرورة ان يكون برها من أهم الطرق للفوز بالجنة والنجاة من النار حيث حثَّ الإسلام على الإحسان إلى "الأم" ورعايتها والعناية بها، ونادى بتكريمها واحترام حقوقِها، وأخبر أن الجنَّة عند قدميها، وجعل في برها تفريجًا للكربات وتكفيرًا للذنوب.
بل أن الله سبحانه تعالي اولي قضية بر الوالدين اهتماما في الكثير من الآيات حيث ورد مقرونًا بعبادته وشكره، فقال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، وقال تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: 14]، كما أخبر صلَّى الله عليه وسلم أن الجنة عند رِجْل الأم، فقد جاء رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ أَرَدْتُ أن أغْزُوَ وقد جئتُ أستشيرُك، فقالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟» قال: نعمْ، قال: «فالزمْها فإنَّ الجنَّةَ تحت رِجْلَيْها» (رواه النسائي).
كما أن البر بالأم خُلُقٌ من خُلُقِ الأنبياء، قال تعالى عن يحيى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14] وَيحكي القرآن عن عيسى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32].
ولا ينقطع بر الوالدين بموتهما، بل يستمرُّ بالدعاء لهما وصلة أهل ودهما؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له» (رواه مسلم)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ من أَبَرِّ البِرِّ أن يصلَ الرجل أهل وُدِّ أبيه بعد أن يُولِّيَ» (رواه مسلم).
وبل حث الإسلام جموع الناس في مشارق الأرض ومغاربها اغتنام بِرّ الأم كل يوم؛ لعظيم فضلها، وأن يجعلوا كلَّ يوم عيدًا لها، ففي كل يوم تبرها فيه فهو لك عيدٌ، فإن ماتت فلا تغفل عن برِّها بعد مماتها؛ بصلةِ أهلها والدعاء لها
ومن المهم الإشارة إلي أنه يكفي لبيان فضل الأمّ على أبنائها أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم جعل لها من حُسْن الصحبة والبر والإحسان ثلاثة أضعاف ما للأب، فإذا كان حق الأب كبيرًا، وكانت للأم أضعافه، فما مقدار حقها إذًا!!".
ولرفعة مكانة الأم عموما وفي يوم الواحد والعشرين من مارس الذي يحتفل فيها بعيدها أكد مركز الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية ان فضل الأم عظيم وذو مكانة عالية مستدلا بما ورد أن جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَيِّدنَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ -أي صحبتي- قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». [متفق عليه].
وقال المركز في منشور له ، إن الإسلامُ منح الأم منزلة عظمى، ورعاية كبرى، وجعل البر بها من أعظم الواجبات؛ لما تتكبَّدُه من عَنَاءِ الحمل والولادة ونحوهما مما تختص به، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». [متفق عليه].
ومضي المركز للقول “شريعتنا الإسلامية تقتضي البر والإحسان والتكريم والاحتفاء بالوالدين -لا سيما الأم- على الدوام، وأن هذا هو الأصل الذي ينبغي أن نلتزمه؛ فيجب البر بالأم على الدوام، وينبغي اتخاذ يوم تكريمها دافعًا لدوام برها في بقية الأيام، موضحا أن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك، يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم”.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرواعتبر المركز أن البدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله، وعليه فإن الاحتفال بيوم الأم من قبيل الاحتفالات الاجتماعية التي تعبر عن احترام الأبناء لأمهاتهم، وتقديرهم لدورهم ومكانتهم في المجتمع، ولا يقصد بها التعبد، ولا يعتقد فيها خصوصية دينية، وهي على هذا النحو جائزةٌ شرعًا، ولا تدخل تحت مسمى البدعة.
وخلص المركز في نهاية منشوره للقول “تسمية الاحتفالات الاجتماعية أعيادًا إنما هو من قبيل التسمية التي تعارف الناسُ عليها، وتستند إلى أصل شرعي وهو الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، وعليه؛ فإن الاحتفال بيوم الأم أمر جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه”