من تقدر عليه افعله.. ومن لا تقدر عليه اطلبه.. نعم اطلبه من القادر على كل شيء، الذي يقول للشيء كن فيكون، واعلم أن ما لا تستطيع فعله، سيأتي وقته لاشك، ولكن وقته الذي يحدده لك رب العالمين، الذي هو أعلم بما يفيدك أو ينفعك في الوقت المناسب، فلا تتعجل الأمور، ولا تيأس من تأخرها.
فقط ثق في أن من بيده كل شيء لن يخذلك أبدًا، فإنه ينبغي للمؤمن أن يتأمل في آيات الله الدالة على كمال قدرته، ليعظمه حق تعظيمه، ويقدره حق قدره، قال تعالى: « إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » (يس: 82)، فلابد لكل مؤمن أن يقدر الله حق قدره، ولا ينزعج أبدًا طالما كان مؤمنًا موقنًا في الله، قال تعالى: « وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ » (القمر: 50).
القدر العظيم
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن لله عز وجل قدرًا عظيمًا، فإياك أن تنسى ذلك أبدًا، بل كن موقنًا أن كل ما تتمناه أو تريده، إنما فقط يقدر عليه واحد فقط، وهو الله القهار.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، قال: «جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » (الزمر: 67).
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهاكمال القدرة
فالله عز وجل، له كمال القدرة سبحانه وتعالى، ومن الآيات العظيمة الدالة على كمال قدرته خلق السماوات، والأرض، والجبال، والدواب في ستة أيام، ولو شاء لخلقها في لمحة بصر، ولكن كان ذلك لحكمة إلهية منه، قال تعالى: « وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ » (ق: 38)، فسبحانه من إله عظيم قادر، لا يعجزه شيء.
قال تعالى: « وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا » (فاطر: 44)، فكيف تعبد إلهًا بههذ القدرة، ولا تثق في أنه سيمنحك كل ما تريد وكل ما تتمناه، ولكن في توقيت يعلمه هو فقط سبحانه وتعالى، قال تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر 49).