هل أحب الدنيا أم أكرهها .. تعرف على نظرة الإسلام لها
بقلم |
محمد جمال |
الاثنين 18 نوفمبر 2024 - 10:57 ص
هل أحب الدنيا أم أكرهها .. تعرف على نظرة الإسلام لها
لماذا يتنافس البعض على الدنيا وهو يعلم أنها زائلة .. لماذا يتقاتلون ويعادون من أجلها.. إن الحقيقة التي يدركها الجميع أننا زائلون غير أن المسلمين يعلمون أن بعد الموت حياة أخرى يحاسبون فيها. أن هذه الحقائق تجعلنا نجعل الدنيا كما هى وسيلة الآخرة مزرعة الآخرة زادا تتزود فيه بطاعة الله عز وجل.
والمسلم العاقل يتعانل مع الدنيا على حقيقتها ويجعلها معبرا وممرا للآخرة،و يأخذ منها زاده إلى جنة عرضها السموات والأرض، ومنهم من يأخذ منها زاده إلى النار.
حقيقة الدنيا: ومن يقرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا يدرك حقيقتها التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث حين قال: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء". وقد بين القرآن الكريم هذه الحقيقة في أكثر من آية كريمة منها قوله تعالى: { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور}(الحديد 20).
حب الدنيا يورث الهوان: ومع بيان حقيقة الدنيا نجد من يتعامل معها على أنها الاصل وأنه مخلد فيها فيصرف كل طاقته لها بل ينافس الناس ويعاديهم من أجل الفوز بالدنيا والانفراد بها ونيل حظوظها ولو على حساب دينه ومبادئه وأخلاقه ومروءته. أن من يفعل هذا و تستقر الدنيا ومحبتها والتعلق بها في نفس العبد فإنها تحمله على الكثير من القبائح والمنكرات، ومنها التنافس المذموم على الدنيا فتهلكه، وهذا الذي كان يخشاه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حين قال: " فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم". وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخوف ما أخاف عليكم ما يُخرج الله لكم من زهرة الدنيا، قالوا: يا رسول الله، وما زهرة الدنيا؟ قال: بركات الأرض". وكان الحسن رحمه الله يقول: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنيا فألقها في نحره. ويقول: والله لقد أدركت أقواما كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه، ما يبالون، أشرقت الدنيا أم غربت، ذهبت إلى ذا؟ أو ذهبت إلى ذا.
نظرة الإسلام للدنيا: أن نظرة الإسلام للدنيا لا تعنى التخويف منها لكننا نتعامل معها بحكمة فليس عيبا أن يحب الإنسان منافع الدنيا وبعض متاعها، لكن العيب أن ينحرف في هذا الحب، فيحمله على ما حرم الله من منع واجب أو أخذ حرام، أو اعتداء على آخرين بغير حق، ومن ثم فإن المسلم هو من يتعامل مع الدنيا باعتدال ويتزود فيها من الخير ويحرص فيها على التزود من الطاعة لانه يعلم أنه مفارقها، أما إذا كان التنافس في الدنيا من أجل إحراز سبق أو كفاية يستغني بها المسلمون، كابتكار علمي، أو سبق اقتصادي، ولا يبقون عالة على أعدائهم، مع نية التقرب بذلك إلى الله، والطمع في جنته ورضوانه، ومع الاهتمام بكل أعمال الآخرة الأخرى، والمتمثلة في النزول على حكم الله عز وجل في كل ما يأتي المرء وما يدع، فذلك حسن ومحمود، لأنه لا يخرج عن أن يكون من عمل الآخرة. وقد أمرنا الله عز وجل أن تكون الدنيا التي في أيدينا موجهة نحو عمل الآخرة، وذلك في قوله سبحانه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}(القصص 77). من هنا دعانا الإسلام القناعة بما في أيدينا وعدم النظر لنا عند الغير فالعبد الحريص على الدنيا المنافس للانفراد بها لا يشبع أبدا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".
صور حب الدنيا: ولحب الدنيا والتنافس عليها صور كثيرة منها : سعي البعض لجمع المال والاكثار منه بأي وسيلة كانت من حله ومن حرامه وبهذا يصير المال وتجارته وسعيه وبالا عليه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون:9)
-التفريط فى حق الآخرة مقارنة بالدنيا فهو يسعى للدنيا بما طاقته وان فكر فى الآخرة ففضول وقته وجهده ولهذا لفت الشرع الأنظار إلى خطورة التنافس في الدنيا مع الإعراض عن الآخرة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ".....وإني أعطيت مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها".
-كثرة النزاعات والخلافات من أجل المناصب والمسميات والشكليات الزائلة. وغير ذلك من المظاهر التي تدل على انغماس صاحبها في الدنيا، وإعراضه عن الآخرة.