جهاد النفس الحقيقي، وأصدق جهاد هو قدرة المرء على أن يبقي هذا القلب صالحًا للحياة الآدمية بعد كل تلك المفاجآت والانكسارات والهزائم وكأنك مازلت في الصفحة الأولى في السطر الأول من مشوار العمر، فأفضل الجهاد هو جهادك مع قلبك كي يبقى أبيضًا رغم كل تلك المعارك، والخلافات.
أن تجعل قلبك أبيضًا على الرغم من كل ما يحيط به من أزمات وخلافات، لهو أمر جلل وعظيم، لكن لاشك أن الإنسان يحتاج إلى معونة من الله سبحانه وتعالى -ي يثبت قلبه على هذا البياض، ولا يتلون.
وكان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في دعائه: «اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك»، فقيل له: يا نبي الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ فقال: «نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها كيف يشاء»>
انشراح الصدر
كيف يمكن أن يتسع صدرك وتنفرج أساريرك على الرغم من متاعب الحياة؟.. عليك بالقرآن ينشرح صدرك وقلبك طوال الوقت، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، في أنه كان لا يغضب إلا لله، ولا يغضب لنفسه قط، كما كان رحيمًا بالناس كافة، ويعي جيدًا أعذار الناس، لكن هذه الحالة لا يمكن الوصول لها إلا بعد استقرار الإيمان والمعرفة والنور والحكمة في قلب العبد المسلم، كما في قوله تعالى: « أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ » (الزمر: 22).
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية الكريمة، فقيل: كيف يشرح صدره يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نور يقذف فيه، فينشرح له، وينفسح»، قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت».
نقاء القلب
بهذه الوسائل والطرق يتحقق نقاء قلبك، وحينها ستشعر طوال الوقت بأنك (ملاك)، لا يحقد ولا يحسد ولا يغتاب ولا يمقت أحد، واعلم يقينًا أن من علامة القلب الذي يتسم بالبياض التأثر بكلام الله، والإصغاء إليه بوعي.
قال تعالى: « إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ » (ق: 37)، فمن أراد سلامة القلب، فليلزم القرآن ويجعله رفيقًا له طوال الوقت، وأن يتأثر بكل موعظة تمر عليه، وأن يعي جيدًا أن الدنيا دار فناء، وأن عمله هو الذي يقوده إلى النهاية المحتمة، فإما جنة خلد، أو غير ذلك والعياذ بالله.
اقرأ أيضا:
لا تكن أعورًا في حكمك على الآخرين حتى لا تندم و تخسر