النهي المنكرمن أعظم شعائر الإسلام وواجباته، لما فيه من مصالح رفيعة وذات مقام عالي لا ينكرها ذي عينيين فضلا عن كونه امتثالا بأمر الله ورسوله كما قال تعالى: "وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" فضلا عن الأرتباط الوثيق بين النهي عن المنكر وخيرية الأمة الإسلامية كما في قوله تعالي : "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّه} باعتبار من أهم خصائل المؤمنين
بل أن القرآن الكريم تحدث عن العلاقة الوثيقة بين النهي عن المنكر ونجاة المجتمعات من الهلاك كما جاء في قول العزيز الحكيم :"فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مّمّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتّبَعَ الّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىَ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ>
الأدلة علي رفعة مقام النهي عن المنكر كعبادة إسلامية رفيعة لم تقتصر علي القرآن الكريم فقط بل أمتدت للسنة النبوية الشريفة كما روي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
ورغم عظمة النهي عن المنكر ومن قبله الأمر بالمعروف فهناك خلاف بين الفهقاء علي مرتبة وما يطلقون عليه فقه الحسبة فمنهم من يراه فرض عينا مستندا إلي الأية الكريمة :" وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون".
«بينما يستند من يرونه فرض عين للحديث الشريف الذي رواه أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.
. ويدل هذا الحديث يدل على عموم وجوب الاحتساب على كل أحد لا يخرج منه أي مسلم
أما الفريق الثاني فيري النهي عن المنكر فرض كفاية ويرجح الكثير من علماء السنة هذا الرأي حيث يعتقدون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية أذا قام به البعض سقط عن الباقين وهم يستدلون بنفس الآية أيضاً، ويقولون إن مِن في الآية تبعيضية فتفيد أن هذا الواجب خاص ببعض الأمة وليس جميعهاً.
فيما يجمع أصحاب الفريق الثالث بين الفريقين السابقين بحيث يعتقدون أنه فرض عين إذا اتفقنا إن الأنكار يتم بجميع صورة ومنها الإنكار بالقلب كل بحسب قدرته واستطاعته كما جاء في الحديث الشريف السابق والذي يستشهد به الفريق الثاني أيضاً، كما يمكن قبول رأي الفريق الثاني إذا ما اعتبرنا أن هناك أناس لا يستطيعون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعمل أو بالقول. كما أنه لا يمكن تفريغ جميع الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تفريغاً تاماً بحيث تتعطل مصالح المسلمين عامه نتيجة لذلك.
الكثير من الفقهاء تحدثوا عن فضائل النهي عن المنكر حيث اعتبروه من مهام وأعمال الرسل عليهم السلام، قال تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فضلا عن كونه أنه من صفات المؤمنين كما قال تعالى: "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين "..
.ومن فضائل النهي عن المنكر أنه من خصال الصالحين، قال تعالى: "ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون . يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويُسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين"
. أما رابع فضائل النهي عن المنكر فيتمثل في ارتباطه الوثيق بخيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرمصداقا لقوله : { كُنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتُؤمنون بالله "
. التمكين في الأرض من فضائل النهي عن المنكر حيث ، قال تعالى: " الذين إن مّكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبةُ الأمور " يضاف إلي ذلك أنه من أسباب النصر، كما جاء في قرآنه الكريم : " ولينصُرَنَّ الله من ينصره إن الله لقويٌ عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبةُ الأمور "
ومن فضائل النهي عن المنكر أيضا عظم فضل القيام به كما قال تعالى" لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً"
وقول النبي صلي الله عليه وسلم : «من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً» [رواه مسلم]. تكفير الذنوب يبدو حاضرا بقول ضمن فضائل النهي عن المنكر كما قال صلى الله عليه وسلم: «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفّرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»
اقرأ أيضا:
أنسب وأفضل اختيار.. هكذا تراه بنور البصيرة كما يشكل والنهي عن المنكر حفظا للضرورات الخمس في الدين والنفس والعقل والنسل والمال لاسيما ان غياب النهي عن المنكر ومن قبله الأمر بالمعروف ينذر بعواقب وهخيمة بل يعد مقدمة لخراب المجتمعات وفسادها وانتشار الموبقات بشكل يدعو إلي ان نجعل النهي عن المنكر والأمربالمعروف في مقدمة أدبيات كل مسلم.