قال الله تبارك وتعالى " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام".. وإن كنت من أهل الرشاد والتوفيق والسداد الذين وفوا الله بالميعاد وخافوا مولاهم رب العباد أخذ بيدك الملك وقادك يجوز بك بالرفق ورفع الخلائق أبصارهم إليك وتمنوا مثل ما من الله عليك وأنت سائر إلى ربك ليجازيك بسعيك ويعدل عليك بكسبك.
فلما انتهى بك الملك إلى سلطان العظمة فإن كنت من أهل السير الصالح في الدنيا سترك جل جلاله بالنور وأبدى لك البشرى والسرور وقربك وأدناك وفضلك وحاباك فلم يطلع على حسابك ملك ولا نبي ولا رسول إلا الملك الجبار الذي لا يحول ولا يزول فيقول لك عبدي أنت الذي كنت تسهر والعباد نائمون وتصوم والعباد يشبعون وتبكي والعباد يضحكون وتحزن والعباد يفرحون وتخافني والعباد آمنون أنت الذي كنت تجتهد في عبادتي والعباد بطّالون وتتصدق والعباد يبخلون وتبذل المعروف بين عبادي والناس يمنعون.
يقول المولى جل جلاله فوعزتي وجلالي وملكي ومجدي وكبريائي وعظيم سلطاني وقدرتي على جميع العباد لأومنن روعك ولأبيحنك جنتي ولأوسعنك مغفرتي ورحمتي ولأعطينك من جزيل ثوابي وحسن مآبي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
كما يقول المولى تعالى :" ولأبيحنك النظر إلى وجهي ولأرفعن قدرك وجاهك ولأشفعنك في إخوانك وأهلك وأحبابك وجيرانك من أهل الذنوب والخطايا".
شفاعة العبد المؤمن:
يقول المولى جل جلاله : يا عبدي أخرج إلى موقف الحشر فانظر إلى من لقيني من أهل الذنوب على التوحيد قد شفعتك فيه خذ بيده وانطلق به إلى الجنة بلا خوف ولا حزن والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا:
كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنبامرأة تبكي ذا النون المصري:
حكي عن ذي النون المصري أنه قال : خرجت مرة من المرات إلى ناحية الأردن من أرض الشام فلما علوت الوادي فإذا أنا بسواد قد أقبل وهو يقول " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون".
فلما قرب مني السواد إذا هو شخص فتأملته فإذا هو امرأة عليها جبة صوف وخمار من صوف وبيدها ركوة وبيدها الأخرى عكاز.
فقالت لي غير فازعة مني من أنت فقلت لها رجل غريب فقالت يا هذا وهل يوجد مع الله غربة وهو مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء فاجعله أنيسك إذا استوحشت وهاديك إذا ضللت وصاحبك إذا احتجت.
قال ذو النون : فبكيت من كلامها فقالت مما بكاؤك قلت لها وقع دواؤك على دائي وأنا أرجو أن يكون سببا لشفائي.
قالت: فإن كنت صادقا في مقالتك فلم بكيت قلت لها رحمك الله والصادق لا يبكي قالت لا قلت لها لم لا يبكي الصادق.
قلت: لأن البكاء راحة القلب وملجأ يلجأ إليه وما كتم القلب أحر من الزفير والشهيق وذلك ضعيف عند أوليائه.
قال ذو النون: فبقيت والله متعجبا من قولها.
ثم تركتني وانحدرت في الوادي وهي تقول: اللهم إليك لا إلى النار حتى غاب شخصها عن بصري وانقطع صوتها عن سمعي.
قال ذو النون : فوالله ما ذكرت كلامها قط إلا كدر علي أحشائي وعيشي.. فلقد أدبتني واستقام حالي منذ رأيتها.