الصدق يرفع المرء في الدارين كما أن الكذب يهوي به في الحالين ولو لم يكن الصدق خصلة تحمد إلا أن المرء إذا عرف به قبل كذبه وصار صدقا عند من يسمعه لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه حتى يستقيم له على الصدق.
ومجانبة الكذب في بعض الأوقات خير من النطق لأن كل كلام أخطأ صاحبه موضعه فالعي خير منه.
فبالرغم من ظلم الحاج وبطشه بمخالفيه، إلا أنه كان يعجبه الصادق فيهم، ومن عجائب ما حكوا في ذلك عنه:
قصة ربعي:
كان ربعي رجلا من أشجع زعم قومه أنه لم يكذب قط فسعى به ساع إلى الحجاج فقال: هاهنا رجل من أشجع زعم قومه أنه لم يكذب قط وأنه يكذب لك اليوم فإنك أمرت بالقبض على ابنيه وهما في بيته مختفيان.
وكان عقوبة الحجاج للعاصي ضرب السيف قال فدعاه فإذا هو شيخ منحن فقال له: أنت ربعي؟!
قال: نعم، قال: ما فعل ابناك قال ها هما هذان في البيت قال فحمله وكساه وأوصى به خيرا.
اظهار أخبار متعلقة
بائعة اللبن:
كان الفاروق عمر بن الخطاب بمنى فعطش فانتهى إلى امرة تدعى بحور فاستسقاها ماء.
فقالت: ما عندنا، فقال : لبنا فقالت ما عندنا فبدرت جارية فقالت لها تكذبين وما تستحين ثم قالت لعمر هذا السقاء فيه لبن.
فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر فزوجها منه فولد له منها أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز بن مروان رحمة الله عليه.
حكم:
1-قال عمر: لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المرء وهو محق ويدع الكذب في المزاح وهو يرى أنه لو شاء لغلب.
2- عن عبد الله بن عمرو قال: دع ما لست منه في شيء ولا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك كما تخزن دراهمك.
3- وكان ابن سيرين يقول : الكلام أوسع من أن يكذب فيه ظريف.