ارتبط حادثة عاشوراء بحدث عظيم هو يوم نجاة الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام فقد ورد هذا في حديث صحيح فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ـــ عند مسلم شكرا – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه.. ويبقى السؤال لماذا موسى عليه السلام دون غيره من الأنبياء؟

خصائص نبي الله موسى عليه السلام:

الإجابة على السؤال بالطبع لا تعني تفضيلا لنبي على آخر وإن كان هذا التفضيل ثابت فب حق بعض الأنبياء على بعض قال تعالى: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .." لكن هذا التكريم النبوي من رسول الله لهذا النبي يقتضي عدة معان منها امتداد الدعوة بين الأنبياء بل نحن أحق به منهم لأنه حرفوا شرعته .. كما نلمح جوانب كثيرة من خصائص موسى عليه السلام اختصه الله تعال بها عن غيره من الأنبياء حتى أولي العزم منى الرسل.. ومن هذه الخصائص ما يلي:

أن الله تعالى قال في حقه  "وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي" دون غيره وقاد اختلف المفسرون في تأويلها على أقوال منها: ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) أنعمت عليك يا موسى هذه النعم، ومننت عليك هذه المنن، اجتباء مني لك، واختيارا لرسالتي والبلاغ عني، والقيام بأمري ونهيي.

كما خص موسى عليه السلام بقوله تعالى وألقيت عليك محبة مني، وقد واختلف أهل التأويل في معنى المحبة التي قال الله جلّ ثناؤه ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) فقال بعضهم: عنى بذلك أنه حببه إلى عباده

وورد أيضا في قول الله ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) قال عباس: حببتك إلى عبادي، وقال الصُّدَاني: حببتك إلى خلقي.

أيضا ورد في حقه عليه السلام

قوله تعالى : ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) وقد ورد في تفسيرها قول بعضهم: معناه: ولتغذى وتربى على محبتي وإرادتي. وورد ولتغذى على عيني،

وقيل في قوله ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) قال: جعله في بيت الملك ينعم ويترف غذاؤه عندهم غذاء الملك، فتلك الصنعة. فيما قال آخرون: بل معنى ذلك: وأنت بعيني في أحوالك كلها، وقيل  ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) قال: أنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت، ثم في البحر، و ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ ). وقرأ ابن نهيك ( وَلِتَصْنَعَ) بفتح التاء..

صفات موسى عليه السلام:

ومن يتأمل في القرآن وما صح من الأحاديث يدرك ما لموسى عليه السلام من خصائص وصفات رائعة كانت محط تقدر ولذا نجاه الله تعالى فموسى هو اكثر الأنبياء ذكرا في القرآن دون سواه.. وقصته مبثوثة في القرآن في مواضع كثيرة جدا حتى عن القصة الواحد تذكر في أكثر من موضع في السور وفي كل موضع منها تبين مشهدا من المشاهد وبمجموع هذه المشاهد تتبين عظمة القرآن في ترتيب الأحداث والوقائع..

صفات موسى عليه السلام:

ووما تجدر الإشارة إليه والذي هو مظنة التكريم أن وسى كانت له صفات جميلة تميز بها سواء كانت الصفات الخَلقية أم الخُلقية   ووما يدل علة صفاته الخلقية والجدسة قوته  حين سقى لمن في الرعي وقد ذكر الله هذه القصة بطولها في القرآن

وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26).. فقدكان إذا قويا ولديه مروءة ولذا طابت إحداهما من أبيها الزواج من رجل هذه صفاته.

 ومن صفاته أيضا قائدا حكيما حيث تولى موسى -عليه السلام- أمر بني إسرائيل في ظروفٍ صعبةٍ، وتمكّن من مواجهة عدوٍ متغطرسٍ، متكبرٍ، شديد البطش، هو فرعون  وصبر على أذى الجميع قا الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).، ولذا  وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (رحم اللهُ موسى، قد أُوذِيَ بأكثرَ من هذا فصبرَ).

كما كان عالما ثبتا بل كان علماً ربانياً، وهبه إياه ربّ العالمين، حيث أنزل عليه التوراة، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ).

وكان حسن التوكل على الله تعالى وبهذا صار حسن التوكل ألزم صفاته وارتبط بيوم نجاته ذلك اليوم الذي عليه مدار التكريم وهو يوم عاشوراء وفي هذا اليوم يوم عاشوراء ضرب موسى -عليه السلام- أروع الأمثلة في التوكّل على الله، وحسن الظّن به، حيث أخذ بكلّ الأسباب المؤدية لإنقاذ قومه من فرعون وملائه، ثمّ توكّل على الله تعالى، ولم يترك الأسباب، ولم يتواكل، فلمّا انقطعت الأسباب المادية عندما لحق بهم العدو ليقتلهم، ولم يترك لهم مهرباً، حينها استسلم الكثير من قوم موسى عليه السلام، وظنوا بأنّ فرعون سيدركهم ويبطش بهم، وفي تلك اللحظة ظهر ثبات موسى عليه السلام، وتوكّله على ربّه، كما في قول الله تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ*قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)..