صدفة قد تغير من شيطان أفكارك الخاطئة، إلى وحي أفكارك الإيجابية، حينما تصادف أحدهم وقد امتلأ صدرك بالهم، وتشابكت الأحزان في قلبك غما على ما فاتك من المال وما تعانيه وسط طيات حيرتك وبؤسك، نتيجة كثرة التفكير فيما آل إليه حالك نتيجة سوء حظك، وعدم نجاحك في عملك أو ما تصبو إليه من المنصب والسيارة الفارهة والشهرة.
فقد يتوقف الكثير على هذه المصادفة، فقد تصادف من يزيد همك ويكثر من حسدك لكثرة ماله وعلو منصبه، فتجلس حزينا على ما تستقر فيه مصائرك، وقد تصادف من يفتح آفاق عقلك للتفكير بشكل يمتلئ بالرضا والإيجابية.
من غير ميعاد قابلته مصادفة داخل أروقة النادي، فاقتربت منه شيئا فشيئا، من خلال سجيته الطيبة وفطرته السليمة التي تجعلك تقترب منه دون شعور، لمجرد أن جمعت بينكما منضدة التنس طاولة، لتكتشف أن الرجل الذي يبلغ من العمر أرذله يلعب وكأنه شاب صغير يمتلئ بالحيوية والقوة والأمل، يلعب وكأنه طفل صغير يمسك بالمضرب، ويضرب الكرة وكأنه شاب في الأولمبياد.
ومع استمرار اللعب بيني وبينه، تشابكت الكرة مع أحاديثنا خلال مرحلة التعارف، التي كشفت لي عن أولاده التسعة (3 أولاد و6بنات) تخرجوا جميعا من كليات الطب والصيدلة والألسن وجميعهم يحفظون القرآن كاملا.
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟ثمرة صلاح الأبناء
ومع تداول الحديث بيني وبين أبنائه اكتشفت معدنهم الطيب وثمرة صلاح آبائهم الذي أكرمه الله بهم، ليدور بعدها بيني وبين نفسي نقاش حاد حول الصراع على الدنيا ومناصبها وأموالها.. هل تساوي الدنيا شيئا أمام صلاح الأبناء وبركة تربيتهم، ربما يكون المال وكثرته سببا لفسادهم، ولكن هناك سر لا يعرف سوى "الشقيانين" على أبنائهم، حينما يرى كرم ربه عليه بأن يكلل مجهوده بتربية هذا العدد من الأولاد تربية صالحة، ويوفقهم الله في تعليمهم، ويجعلهم جميعا من حفظة القرآن الكريم.
فما أعظم نعمة الولد الصالح، فهي تتفوق على كافة النعم، لذلك جعلها النبي صلى الله عليه وسلم من الثلاثة التي يستمر ثواب ابن آدم بها حتى بعد وفاته: «أو ولد صالح يدعو له» ولم يقل أو ولد يدعو له لأن الولد الصالح يتذكر دائماً ما أنت محتاج إليه بعد موتك ليس كمن ألهته الدنيا وغفل عن الآخرة، كذلك فالولد الصالح حريٌ بأن يستجيب الله دعاءه .
فصلاح الأبناء فيه خير لنا في الدنيا والآخرة وأما في الدنيا فبالراحة والطمأنينة والسعادة بهم، ففرق بين ابن أو ابنة قد منّ الله عليهما بالهداية فما نراهما إلا بارين مطيعين لله ذاكرين مصليين خاشعين، وبين ابن أو ابنة نراهما عاقين عاصين مفرطين ولصلاتهما مضيعين.
ومن ثمرة صلاح الأبناء والبنات ما نكسبه من الأجر والثواب على ما يعملون من أعمال صالحة واجبة أو مستحبة علمناهم إياها كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» (رواه مسلم) .
كم نحن بحاجة إلى الله سبحانه وتعالى في كافة شؤوننا وليس لنا غنى عنه طرفة عين، ولذلك ليكن من أهم ما نغرس في نفوس بناتنا ونعلمه أياهن هو اللجوء إليه تعالى ودعاؤه في كل ما يعرض لنا ونحتاج إليه، فمثلاً دعاؤه بالتيسير عند الشكوى من صعوبة الدراسة أو تعسر أمر من الأمور، لتُذكر الأم بناتها بقرب الله تعالى وأنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بأن نكثر من الدعاء في السجود، وأن الله يستحي إذا سأله عبده أن يرد يديه صفراً بل إن الله سبحانه قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186].
ومن ثمرة صلاح الأبناء والبنات دعاؤهم لوالديهم بعد موتهم قال عليه الصلاة والسلام: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».