جميعنا يعرف تمامًا كيف بدأ نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كأنه غريبًا بين قومه، فقد كان وحيدًا، يسعى لأن يتحدث مع الجميع، لكنه ووجه بشراسة، حاربوه، وأعلنوا الحرب عليه هو وكل من تبعه، وجرى تعذيب أتباعه أشد تعذيب، ومن هؤلاء سيدنا عمار ابن ياسر وابيه وأمه رضي الله عنهم، حتى كانت أمه سمية أول شهيدة في الإسلام.. هكذا وتحت وطأة هذه الروح الصعبة في مواجهة أناس جهلاء بغير عقول، كان على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أن يواصل رسالته مهما كانت المصاعب، فعمد إلى الاعتزاز بالإسلام ودعوته إلى الله، فكانت النتيجة بعد صبره وجهده وتعبه ومشقته وتحمله الشديد، أن أكرمه الله عز وجل وأعزه بين الجميع حتى تقوم الساعة.
لم يتأخر
فهم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم الرسالة الربانية: «{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ»، فقام وتحرك بكل همّة، حتى دخل في دعوة الإسلام العديد من الناس، وبدأ يزيد العدد يومًا بعد يوم، فعمدوا إلى الدفاع عنه ليل نهار وضحوا من أجل نشر رسالة الخير إلى عموم الأرض..
لقد فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو معنى العزة الحقيقي، في قوله تعالى: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ » (فاطر: 10)، فكانت النتيجة أن سار على الدرب، فكان صاحب أطيب لسان وأعظم ما يفعل العمل الصالح ويصر عليه، وأقوى من حارب وواجه السيئات، لذا فهو أعز الإسلام بالتزامه بما أمره الله، حتى أعزه الله بأطيب الصفات، قال تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» ( القلم 4).
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالعزة هنا وفقط
فهم نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كيف يبلغ العزة، إذ نزل عليه قول الله تعالى: «الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا » (النساء: 139)، وقد كان صلى الله عليه وسلم عزيزًا طوال حياته، حتى قبل الإسلام كان يأبى أن يسجد لصنم، فما سجد صلى الله عليه وسلم لصنم قط، كما كانت نفسه العزيزة الطاهرة تمنعه من أن يشارك فيما اعتاده قومه من الفواحش، وما ذلك إلا لأنه علم يقينًا أن العزة لا تطلب ولا ترتجى إلا من الله تعالى وحده، فهو سبحانه رب العزة: قال تعالى: « قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (آل عمران: 26).