كثيرة هي نفحات وخيرات شهر رمضان المعظم.. فهي هذا الشهر يتفضل الله تعالى على عباده ويضاعف له الأجر ويسهل لهم طرق الطاعة؛ حيث تفتح لهم أبوب الجنان وتغلق أبواب النيران وتسلسل الشياطين ومردة الجن في دعوة صريحة للتمسك بالخير وصرف النظر عن كل ما يبغض الله تعالى.
ومما ورد في فضائل هذا الشهر المعظم
إفطار الصائم فلهذا العمل فضل كبير حتى إن من يفعل ذلك يأخذ مثل أجر الصائم لا ينقص من أجره شيئا فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
شرح الحديث:
يعد هذا الحديث عمدة في معنى الحث على فعل الخير والتعاون على البر في شهر رمضان وفيه كما بينت اللجنة العلمية بسؤال وجواب دليل على فضل تفطير الصائم، وإن في ذلك أجراً عظيماً، وهو مثل أجر الصائم وهذا والله أعلم؛ لأنه صائم يستحق التعظيم، وإطعامه صدقة، وتعظيم للصوم وصلة بأهل الطاعات. وهذا أمر اعتاده المسلمون لإدراكهم الثواب الجزيل المرتب على ذلك، فإن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء.
كيفية إفطار الصائم:
وتفطير الصائم له مجالات متعددة من إطعام الفقير ما يأكل أو دفع مال له يشتري به طعاماً، على أن ذلك غير خاص بالفقير. ويتحقق ولو بتمرة أو شربة ماء.
الجود في رمضان:
وللجود في شهر رمضان شأن عظيم، فقد ثبت أن النبي ﷺ كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، وذلك لشرف وقته ومضاعفة أجره، وإعانة الصائمين والعابدين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجورهم. والجود هو سعة العطاء وكثرته، ويدخل فيه الصدقة وجميع أبواب البر والإحسان ويستفاد من هذا الحديث على الجود في كل وقت، والزيادة في رمضان.
فينبغي للإنسان أن يتأسى بنبيه ﷺ فيبذل ويتصدق ليواسي الفقراء والمحتاجين، ويتفقد الجيران ويصل ذوي الأرحام، ويساهم في مشاريع الخير. ولعل مما يحرك داعي الإنفاق أن يتذكر الإنسان بالصوم نعم الله عليه والنعمة لا تُعرف إلا بفقدانها، فيشكر نعمة الله عليه حيث يسر له الحصول على ما تشتهي مما أباح الله له، ويتذكر إخوانه الفقراء الذين لا يتيسر لهم ما يحتاجون فيجود عليهم بالصدقة والإحسان. والجمع بين الصيام وإطعام الطعام أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم إذا انضم إلى ذلك قيام الليل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
حال السلف في رمضان:
وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يحرصون على
إطعام الطعام وتفطير الصائمين، ويقدمون ذلك على كثير من العبادات سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح..
ولهم أخبار مشهورة، قال بعض السلف: "لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أُعتق عشرة من ولد إسماعيل." وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم منهم عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأحمد بن حنبل وداود الطائي ومالك بن دينار. وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس يخدمهم ويروحهم، منهم الحسن البصري وعبدالله بن المبارك، قال الإمام الشافعي رحم الله: "أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً بالرسول ﷺ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم".