عزيزي المسلم، حينما تُنهك جدًا، وتصبح مستهلك جدًا، ومع ذلك ليس أمامك سوى أن تسير وتكمل ما بدأته، ربما تكون مشاعر ظاهرها يأس لكن باطنها بداية معنى التقبل والاستسلام..
لذا حاول أن تتقبل الأمر الواقع بحلوُه ومُره .. كأن تسعى لهدفك في صمت .. لأنه باختصار لن يحدث في النهاية سوى المقدر لك.. سواء كان على هواك أو غير ذلك.. حينها لاشك ستتحرر من مفهوم ( الآلهة).. بأن تؤله أي سبب وأي شخص وأي ظرف .. فقط تسلم نفسك لإله واحد، تأكيدًا لقوله تعالى: ( إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ).
اليأس وبداية النجاح
عزيزي المسلم، يا من تعرضت لمواقف صعبة، وتصورت أن اليأس هو النهاية الحتمية لحياتك، اعلم يقينًا أن اليأس أحيانًا قد يكون هو بداية النجاح الحقيقي.. يقول الكاتب الأمريكي الشهير روبرت جرين: (أحياناً تحتاج إلى أن تصبح يائساً بعض الشيء لكي تستطيع الوصول إلى أي مكان ).. لذا إياك أن تستهين بأي شعور تحسه .. وإياك أن تستهين بيأسك .. لأنك لا تعرف هو سببًا لماذا !..
فرق كبير حين ترى إحساسك مخلوق من عند الله عز وجل، عن أن تراه مجرد إحساس وجوده يضايقك وفقط .. عليك دائمًا أن تتذكر أن الله عز وجل حين تحدث في قرآنه الكريم عن العسر، جعل بعده يسرين، قال تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا » (الشرح: 5، 6).
تحريم القنوط
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الله عز وجل حرم القنوط واليأس بالأساس، فقال على لسان نبيه يعقوب عليه السلام: « وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ » (يوسف: 87)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: « قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ » (الحجر: 56)، بل أنه خاطب عباده أجمعين بألا ييأسوا من روح الله مهما كانت الظروف، قال تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53)..
إذن مهما انهكت أو استهلكت همتك، إياك أن تستسلم لليأس، بديهي أن تتعرض لبعض الاختبارات، والفطن الناصح هو من يقف ويصبر ويلقي الأمر برمته على الله، وهو موقن في أنه لن يتخلى عنه أبدًا.
اقرأ أيضا:
فواحش الإنترنت.. كيف تقلع عنها فورًا؟