فاتتني سنة الفجر، وانتظرت بعد شروق الشمس لأقضيها، ولم يكن عندي متسع من الوقت إلا لصلاة أربع ركعات. فصليت ركعتي سنة الفجر قضاء، وصليت ركعتي الضحى.
هل هذا أفضل، أم كان الأفضل لي أن أصلي صلاة الضحى أربع ركعات، وأترك سنة الفجر؛ لحديث: صلِ لي أربع ركعات أول النهار؛ أكفك آخره.؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: إن سنة الفجر سنة مؤكدة، وهي أفضل الرواتب، وأشدها تأكيدا.. جاء في دقائق أولي النهى مع منتهى الإرادات للبهوتي الحنبلي: (و) الأفضل (من) سنن (رواتب) تفعل مع فرض (سنة فجر) لقول عائشة «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا، منه على ركعتي الفجر». متفق عليه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم «: صلوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل». رواه أحمد وأبو داود. انتهى.
مركز الفتوى تابع قائلًا: وعليه؛ فما فعلته هو الأفضل، عن قضاء سنة الفجر، فقد نص الفقهاء على أن من جاء ووجد الصلاة أقيمت، فإنه لا يشتغل عنها بشيء، ولو كان سنة الفجر، فإنه يجب على من جاء وقد أقيمت صلاة الصبح أن يدخل مع الإمام في الفريضة، واختلفوا فيه: هل يقضي سنة الفجر بعد صلاة الصبح مباشرة؟ أم ينتظر بها حتى يحين وقت صلاة الضحى (أي حتى ترتفع الشمس قدر رمح)؟ والراجح هو أنه يجوز له أن يقضيها بعد الفجر مباشرة، لما ثبت عن قيس بن عمر رضي الله عنه قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر، فقال: "ما هاتان الركعتان يا قيس؟. قلت: يا رسول الله، لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان" . قال في خلاصة البدر المنير: رواه الشافعي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي ، وأعله الترمذي وعبد الحق بالانقطاع، ورواه الحاكم وابن حبان بطريق ليس فيها انقطاع، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين فاستفده.
قال ابن قدامة في المغني: وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذه في معناها.
وذهب الأحناف: إلى عدم الجواز لعموم النهي عن الصلاة في هذا الوقت، ولما روى الترمذي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعدما تطلع الشمس" ، ولأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقضيهما من الضحى.
قال ابن قدامة : "وهذا يحتمل النهي، وإذا كان الأمر هكذا كان تأخيرها إلى وقت الضحى أحسن، لنخرج من الخلاف، ولا نخالف عموم الحديث، وإن فعلها فهو جائز، لأن هذا الخبر لا يقصر عن الدلالة على الجواز.
وصلاةُ الضحى أقلها ركعتان،
أما الحديث الذي أشرت إليه، فهو حديث صحيح، وقد جاء في سنن الترمذي بلفظ: يقول الله عز وجل: يا ابن آدم، لا تعجزني من أربع ركعات في أول نهارك، أكفك آخره. وصححه الشيخ الألباني.
وأوضح مركز الفتوى أن بعض أهل العلم قال أن المقصود بالأربع ركعات هنا، هي فريضة الفجر، وسنتها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث المذكور وقد صححه الألباني وغيره، وفي رواية أنه قال: يَا ابْنَ آدَمَ اكْفِنِي أَوَّلَ النَّهَارِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَكْفِكَ بِهِنَّ آخِرَ يَوْمِكَ. رواه أحمد وأبو داوود وغيرهما.
وهذه الركعات قال في عون المعبود: يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهَا فَرْض الصُّبْح وَرَكْعَتَا الْفَجْر، أَوْ أُرِيدَ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَة صَلَاة الضُّحَى وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْمُؤَلِّف وَعَلَيْهِ عَمَل النَّاس . اهـ.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذه الأربع عندي هي الفجر وسنتها. اهـ.
وأما نوعية الكفاية فقد قال في عون المعبود: يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد كِفَايَته مِن الْآفَات وَالْحَوَادِث الضَّارَّة ، وَأَنْ يُرَاد حِفْظه مِنْ الذُّنُوب وَالْعَفْو عَمَّا وَقَعَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ أَوْ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ .
وجاء في مرقاة المفاتيح لملا القارئ: أي أكفك شغلك وحوائجك وأدفع عنك ما تكرهه بعد صلاتك إلى آخر النهار. والمعنى فرغ بالك بعبادتي في أول النهار أفرغ بالك في آخره بقضاء حوائجك .