اعلم جيدًا أن العبادات لم تكن يومًا أبدًا ثقيلة، لكن القلوب هي اللي خربتها الذنوب وأثقلتها، بل وجعلتها أصعب من أن تقوم وتتحرك كالسكران الذي يشرب طوال ليله، فلا يقوى على الوقوف حتى يفيق.. وإن كان السكران يعلم متى سيفيق.. لكن من ثقل قلبه.. هل يدري متى سيفيق من غيبوبته وثقل قلبه؟..
للأسف نعاني في هذا الزمن، من انتشار (فيروس قساة القلوب)، حتى صارت كالحجارة القاسية أو أشد قسوة من الحجارة، هذه القسوة التي فتكت بالقلوب ودمرتها وصار العبد بسببها يتصرف تصرفات خاطئة وبعيدة عن الشرع الحنيف تمامًا، هذه القلوب ينتظرها وعيد يصفه المولى في قوله تعالى: « فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » (الزمر: 22).
هل أنت ممن قست قلوبهم؟
عزيزي المسلم، لكي تدرك أنك أصبحت من قساة القلوب، اسأل نفسك، هل تداوم على سماع القرآن الكريم؟، هل تحافظ على الصلاة المفروضة؟.. هل تخرج صدقات للمساكين والمحتاجين؟.. هل تحترم وتوقر جارك؟.. إن لم تفعل فاعلم أن قلبك أصابه ما أصاب كثير من الناس للأسف، تأكيدًا لقوله سبحانه وتعالى: « ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » (البقرة: 74)، أما إن كنت تستمع إلى القرآن الكريم، فترى قلبك يتحرك من مكانه، يصيبه شيء لا تعلمه، يوجهك نحو البكاء أحيانًا، أو نحو الدعاء أحيانًا أخرى، وربما نحو الوضوء للصلاة في بعض الأحياة، حينها اعلم أن قلبك مازال ينبض بالحياة، قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » (الأنفال: 2).
اقرأ أيضا:
لا تدع الإيمان ينقص في قلبك وجدده بهذه الطريقةهل تطيع والديك؟
أيضًا، اسأل نفسك عزيزي المسلم، إن كنت تطيع والديك أم لا؟.. إن كنت تسهر ليلك تفكر في حاجاتهما، وتمنع عن نفسك وتعطيهما، ولا تفضل أولادك أو زوجتك عليهما، فاعلم أن قلبك مازال سليمًا، أما ما دون ذلك، فأنت في مشكلة كبيرة، يقول المولى تبارك وتعالى: « وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا » (الإسراء: 23، 24).. حاول أن تختبر قلبك عزيزي المسلم، وإياك أن تخدع نفسك بالإجابة، ولو رأيت نفسك بعيدًا عن ما يقربك إلى الله عز وجل، فاعمل جاهدًا على إفاقة قلبك من غيبوبته قبل فوات الأوان.