انتشرت في العقد الأخير بعض الأسماء الغريبة التي شوهنا بها أبناءنا، ونسلك بها مسالك الجاهلية مرة أخرى، خاصة بعدما انتشرت بعض الأسماء التي تدل على بعض الصفات القبيحة، نتيجة انتشار بعض الأعمال الفنية التي تروج للبلطجة وترويج المخدرات، فضلاً عن تدليل بعض أبنائنا بأسماء غريبة.
ومن بين الأسماء الغريبة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، أسماء أهل الملل الأخرى، حتى أنك ربما تصاب بحيرة من معرفتك ببعض ملل الأطفال نتيجة اختلاف أسمائهم إذا كان مسلمًا أو من أهل الملل الأخرى، نتيجة انتشار أسماء مثل مايكل ودانيال وجو وليو وغيرها من الأسماء التي يسمي بها الغرب أبناءهم.
سخرية من صاحب الاسم
ويشعر الطفل بالمأساه عند دخوله المدرسة، حيث تبدأ معاناته الحقيقية، وخاصة إذا كان الطفل يدعي ” فجلة” على سبيل المثال، ليجد أقرانه في السخرية من صديقهم ” فجلة ” ما ينشدونه من بهجة ومرح، فهم يدركون دونية الإسم، ومع تزايد النكات والضحكات على ” فجلة ” يزداد معه كرهه وبغضه للاسم.
ومن الأسماء الشاذة التى تسميها بعض الأسر لأبنائها فى الصغر درءا للحسد: فتسمى الطفل الذكر باسم أنثى!! أو باسم ” خيشة “، أو ما شابه ذلك لاشك أنها تحدث فى أعماق الصغير عقدا نفسية خفية، بسبب سخرية واستهزاء الآخرين منه، وهناك من يدلل ابنه باسم عوكشة ، و حنضل، وبرغوت، حبظلم، رزة، بنجر “.. إلخ.
بل هناك من يطلق على اسم المحل أو المطعم الذي يفتتحه أسماء شاذة وغريبة من أجل نيل الشهرة، فهناك من يسمى محله باسم "الجحش" و"البغل" و"العبيط" و " الحرامي" و "الشيطان".
وهناك من يطلق على ابنه مدللاً له اسماء بلطجية مثل " بشلة، سنجة، أفيونة، برشامة والشيطان"، وغيرها من الأسماء التي تسيئ لأبنائنا.
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ.
فالاسم دليل على صاحبه؛ فهو يسمو به ويحدده فيعرف به إذا ما ذكر.
والاسم الحسن يحمل لصاحبه ولمن يسمع ذكره فألا حسناً، ويبعث في نفسه نشوة يستعذبها ويسر بها.
اظهار أخبار متعلقة
آثار سيئة
والاسم القبيح على الضد من ذلك، وله على النفس آثار سيئة، فربما يتعقد الطفل منه حين ينادي به فيتوارى من الناس خجلاً، أو يعتزلهم فيصاب بعقدة الانطواء، وتلازمه هذه العقدة طول حياته.
وربما يكون الاسم القبيح سبباً في تخلفه عن اللحاق بزملائه في المدرسة، لهذا كان اختيار الأسماء من الضرورة بمكان.
وقد قسم الفقهاء الأسماء إلى ثلاثة أقسام: قسم يكره التسمي به، وقسم يحرم التسمي به، وقسم يستحب التسمي به.
فيكره من الأسماء ما يؤدي نفيه عند السؤال عنه إلى التشاؤم والانقباض، وذلك مثل ما ورد في صحيح مسلم عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِاحًا وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ، فَلَا يَكُونُ، فَيَقُولُ: لَا".
أي فإنك إذا قلت: فلان موجود هنا، فقيل لك: لا، تشعر بالتشاؤم، وهو حالة نفسية تجلب الحزن والكآبة في النفوس المريضة، وغير المريضة أحياناً.
فلو سألت أهل البيت: أنجاح موجود أو رباح، أو سرور أو يسار مثلاً، فقالوا لك: لا، وجدت في نفسك شيئاً من الطيرة، وهي ضد التفاؤل؛ وقد أمرن بالتفاؤل، ونهينا عن الطيرة في أحاديث كثيرة.
أسماء مكروهة
وتكره التسمية بالأسماء القبيحة مثل: حرب، ومرة، وكلب، وكليب، وعاصي، وعاصية، وشيطان، وشهاب، وظالم، وحمار، وأشباهها.
ومن الجهل أن يسمى الرجل ابنه باسم قبيح من أجل أن يعيش، وهذا غالباً ما تفعله النساء في البوادي والقرى. وتشتد كل منهما نفسه بما يوهم تزكيته؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زينب.
وتكره التسمية بأسماء الشياطين: كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع.
وفي سنن ابن ماجه وزيادات عبد الله في مسند أبيه من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ: الْوَلَهَانُ، فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ".
وشكى إليه عثمان بن أبي العاص من وسواسه في الصلاة فقال: "ذلك شيطان يقال له: خنزب".
وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة، كفرعون وقارون وهامان والوليد.
قال عبد الرزاق في الجامع: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أراد رجلاً أن يسمى أبناً له: الوليد، فنهاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: "إنه سيكون رجلاً، يقال له: الوليد يعمل في أمتي بعمل فرعون في قومه".
ويكره التسمية بأسماء الملائكة عند بعض الفقهاء كجبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل.
قال أشهب: سئل مالك عن التسمي بجبريل، فكره ذلك ولم يعجبه.
ويرى الشافعية، وكثير من الفقهاء على اختلاف مذاهبهم جواز التسمية بأسماء الملائكة من غير كراهة، كما أفاده النووي في المجموع.
ويحرم على العبد أن يتسمى باسم من أسماء الله الحسنى أو يسمى ولده بذلك، ويحرم أن يتسمى أو يسمي ولده بعبد النبي، أو عبد الرسول، أو عبد الحسين، وغير ذلك من الأسماء التي يضاف فيها لفظ العبودية لغير الله تعالى. وهذا أمر متفق عليه، كما أفاده جمهور الفقهاء.
ويحرم التسمية بملك الملوك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه – يعني ملك الملوك بالفارسية -، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ".
ويستحب من الأسماء عبدالله، وعبدالرحمن. كما جاء في صحيح مسلم.
وأحب الأسماء أيضاً أسماء الأنبياء، وأفضل أسمائهم: محمد وأحمد، ثم إبراهيم وإسماعيل، ويوسف، ويونس، وشعيب وصالح، وموسى وهارون، وزكريا ويحيى.
ومن المستحب أن يسمى وليده اسماً معاصراً يسر به ولا يستنكف منه، ولا يكون فيه شبه من أسماء الفرنجة ولا من أسماء البدو الغريبة، إذا كان يعيش في المدن.
ويقبح أن يسمي ابنته: شوشو، وسوسو، وسالي، ودينا، ولولو وغير ذلك من الأسماء التي هي إلى أسماء الفرنجة أقرب.
قال تعالى في سورة الأحزاب: { ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ } (آية: 5)
ويوم القيامة ينادي الناس بأسمائهم وأسماء آبائهم كما جاء في هذه الوصية.